وَإِن كَانَ الْموضع الَّذِي عينه بَعضهم خيرا من غَيره مثل أَن يكون أحد الموقفين مُسْتَقْبلا للشمس أَو للريح وَنَحْو ذَلِك والموقف الآخر مستدبرهما قدم قَول من عين هَذَا الْموقف لِأَنَّهُ أقرب إِلَى تَحْصِيل مَقْصُود الرَّمْي وَهُوَ الْموضع الَّذِي ينْصَرف إِلَيْهِ العقد عِنْد الْإِطْلَاق
فَإِن كَانَ شَرطهمَا خِلَافه فَالشَّرْط عِنْد أَصْحَابنَا أولى قَالُوا كَمَا لَو اتفقَا على الرَّمْي لَيْلًا وَيحْتَمل أَن يكون الْموقف الْمُوَافق أولى وَيُجَاب من طلبه لِأَنَّهُ اقْربْ إِلَى مصلحتها ومصلحة العقد
فَإِن اسْتَوَى الموقفان وقف الأول حَيْثُ شَاءَ مِنْهُ وَتَبعهُ الثَّانِي فَإِذا كَانَ فِي الْوَجْه الثَّانِي وقف الثَّانِي حث شَاءَ وَتَبعهُ الأول وَلَيْسَ لأَحَدهم أَن يتَقَدَّم عَن صَاحبه إِلَى جِهَة الْغَرَض بل يقفوا صفا
فَإِن رَضوا بِتَقْدِيم أحدهم فَإِن كَانَ يَسِيرا جَازَ وَإِن أفرط لم يجز لما فِيهِ من مزية التَّخْصِيص الْمنَافِي للعدل فَصَارَ كَمَا لَو شَرط لأَحَدهم السَّبق بتسع إصابات وَللْآخر بِعشر فَإِنَّهُ لَا يجوز اتِّفَاقًا
فَلَو اتَّفقُوا كلهم على أَن يتقدموا أَو يتأخروا عَن موقفهم جَازَ وَقَالَ أَصْحَاب الشَّافِعِي يكون على الْخلاف فِي إِلْحَاق الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان فرع فَإِن تَأَخّر أحدهم عَن موقفه فَهَل لَهُ ذَلِك يحْتَمل الْجَوَاز لِأَنَّهُ مُؤثر بِهِ لأَصْحَابه لَا مستأثر عَلَيْهِم