وَهَذَا الْوَجْه قوي إِذْ لَا فَائِدَة فِي اشْتِرَاطه فِي رمي الْمُبَادرَة لِأَنَّهُ إِذا قَالَ أَيّنَا بدر إِلَى خمس إصابات فَهُوَ السَّابِق فَمَتَى بدر إِلَيْهَا أَحدهمَا تعين سبقه سَوَاء كَانَ عدد الرَّمْي مَعْلُوما أَو لم يكن
وَأما المفاضلة والمحاطة فَإِذا لم يكن عدد الرَّمْي مَعْلُوما لم يحصل مَقْصُود العقد وَلم يَنْقَطِع التَّنَازُع فَإِن احدهما إِذا أصَاب عشرَة من عشْرين مثلا قَالَ الآخر أَنا أصيبها من ثَلَاثِينَ وَلَيْسَ عدد الرَّمْي مَشْرُوطًا بَيْننَا لم يكن لَهُ ذَلِك وَأدّى إِلَى عدم معرفَة السَّابِق وَيَقُول الآخر أَنا أرمي إِلَى أَن أفضلك
فَإِن قيل هَذَا يَزُول باستوائهما فِي الرَّمْي قيل النزاع لَا يَنْقَطِع بذلك فَإِنَّهُ يَقُول لَهُ ارْمِ حَتَّى تساويني
وايضا فَإِنَّهُمَا إِذا لم يشترطا عددا فَإِنَّهُ قد يسْتَمر رميهما لَا إِلَى غَايَة وَلَا يُصِيب أَحدهمَا فَلَا يُمكن أَحدهمَا الآخر من إِحْرَاز سبقه وَيَقُول لم نزل نرمي حَتَّى يغلب أَحَدنَا
وَهَذَا فَاسد جدا وَهُوَ بعيد من قَوَاعِد الشَّرِيعَة وَلَا سِيمَا عِنْد من ألحق هَذَا العقد بالجعالات والإجارات وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
فقد تبين من هَذَا أَن النضال على أَرْبَعَة أَقسَام مفاضلة ومحاطة ومبادرة ومباعدة وَأَنَّهَا كلهَا جَائِزَة إِلَّا المباعدة فَإِن فهيا خلافًا وَلَيْسَ على منعهَا دَلِيل
فصل
فَإِن شرطا إِصَابَة مَوضِع من الهدف على أَن الْأَقْرَب مِنْهُ يسْقط