والمراد هنا ما دَخَله وأمثاله من إلحاد الملاحدة المعطلة أهل العلوم الحديثة، فهو يؤمن بمذهب (دارون) في النشوء والارتقاء وقد صَرّح بذلك فهو يقول: (والمذهب القويُّ في رأيي هو مذهب دارون في النشوء والارتقاء وقد تبعته ولم يتبعه في العراق أحد قبلي، وقد شاع فيه [يعني في العراق] بسببي) وله قصيدة عنوانها: (سليل القرود) قال فيها:
وُلِدَ القرد قبل مليون عامٍ ... بَشَراً فارتقى قليلاً قليلا
أيُّ شيء أَلَمَّ بالقرد حتى ... هَجَرَ الغاب نَجْلُه والقبيلا
وعلى رجليه مشى بعد أن ... سارَ على أربعٍ زماناً طويلا
يا لَهُ من تطوّرٍ حَوّل القرد ... لإنسان يُحسن التخييلا
فليتأمل العاقل ما يفعل الشيطان بمن أعطاه قيادة وهو الذي يفتخر بأنه من نسل القرود فيقول:
إنْ نحن إلا أقْرُدٌ ... مِن نسْل قردٍ هالِكِ
فَخْرٌ لنا ارْتقاؤنا ... في سُلّم المداركِ
إن الشقاء ليس له نهاية وقد قيل: (واخو الجهالة في الشقاوة يَنْعمُ).
فانظر تأثّره بِدَارون لأن العلوم الحديثة تُوصل مُتّبعها إلى ذلك، فبعد أن يعتقد السديم والمجرات السابحة في فضاء لا ينتهي إن طلب قلبه ربه لم يجده وأحسن أحواله أن يقع وحده في الوجود، وهو البحر الذي غرق فيه من غرِق من مُقَلّدة الملاحدة.