أن لا يقروا في الباطن بأنه رسول الله، وإنما كان ملكا مطاعا، ساس الناس برأيه، من جنس غيره من الملوك، أو يقولون: إنه رسول الله إلى الأميين دون أهل الكتاب، كما يقوله كثير من اليهود والنصارى، أو أنه مرسل إلى عامة الخلق، وأن لله أولياء خاصة، لم يرسل إليهم، ولا يحتاجون إليه، بل لهم طريق إلى الله من غير جهته، كما كان الخضر مع موسى، أو أنهم يأخذون عن الله كل مايحتاجون إليه وينتفعون به من غير واسطة، أو أنه مرسل بالشرائع الظاهرة وهم موافقون له فيها.
وأما الحقائق الباطنة فلم يرسل بها، أولم يكن يعرفها، أو هم أعرف بها منه، أو يعرفونها مثل ما يعرفها من غير طريقته.
وقد يقول بعض هؤلاء: إن أهل الصفة كانوا مستغنين عنه، ولم يرسل إليهم، ومنهم من يقول: إن الله أوحى إلى أهل الصفة في الباطن ما أوحى إليه ليلة المعراج، فصار أهل الصفة بمنزلته، وهؤلاء من فرط جهلهم، لا يعلمون أن الإسراء كان بمكة، كما قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} وأن الصفة لم تكن إلا بالمدينة، وكانت صفة في شمالي مسجده صلى الله عليه وسلم ينزل بها الغرباء الذين ليس لهم أهل وأصحاب ينزلون عندهم، فإن