قالوا: ولما علمت السحرة صدق فرعون فيما قاله، أقروا له بذلك وقالوا: {اقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة} قالوا: فصح قول فرعون: {أنا ربكم الأعلى} .
وكان فرعون عين الحق، ثم أنكروا حقيقة اليوم الآخر، فجعلوا أهل النار يتنعمون كما يتنعم أهل الجنة، فصاروا كافرين بالله واليوم الآخر، وبملائكته وكتبه ورسله، مع دعواهم أنهم خلاصة خاصة الخاصة من أهل ولاية الله، وأنهم أفضل من الأنبياء وأن الأنبياء إنما يعرفون الله من مشكاتهم.
وليس هذا موضع بسط إلحاد هؤلاء، ولكن لما كان الكلام في أولياء الله، والفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وكان هؤلاء من أعظم الناس ادعاء لولاية الله، وهم أعظم الناس ولاية للشيطان، نبهنا على ذلك، ولهذا عامة كلامهم، إنما هو في الحالات الشيطانية، ويقولون ما قاله صاحب الفتوحات (باب أرض الحقيقة) ويقولون: هي أرض الخيال.
فتعرف بأن الحقيقة التي يتكلم فيها هي خيال، ومحل تصرف الشيطان، فإن الشيطان يخيل للأنسان الأمور بخلاف ما هي.