لا في حياته ولا في مماته. وهذا هو الظن بغيره من أئمة الإسلام، الذابين عنه القائمين بنَصْرِه من السلف والخلف ولم يكونوا يكرهون مخالفة من خالفهم أيضاً بدليل عَرَضَ له ولو لم يكن ذلك الدليل قوياً عندهم بحيث يتمسكون به ويتركون دليلهم له.
ولهذا كان الإمام أحمد رحمه الله تعالى يذكر إسحاق بن راهويه ويمدحه ويثني عليه ويقول: (وإن كان يخالف في أشياء فإن الناس لم يزل بعضهم يخالف بعضا) أو كما قال.
وكان كثيراً يُعرضُ عليه كلام إسحاق وغيره من الأئمة، ومأخذهم في أقوالهم فلا يوافقهم في قولهم ولا يُنكِر عليهم أقوالهم ولا استدلالهم وإن لم يكن هو موافقاً على ذلك كله وقد استحسن الإمام أحمد ما حكي عن حاتم الأصم أنه قيل له: أنت رجل أعجمي لا تفصح وما ناظرك أحد إلا قطعته فبأي شيء تغلب خصمك؟ فقال بثلاث: أفرح إذا أصاب خصمي وأحزن إذا أخطأ وأحفظ لساني عنه أن أقول له ما يسوؤه أو معنى هذا فقال أحمد: (ما أعقله من رجل) .
فحينئذٍ رد المقالات الضعيفة وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه.
فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية فلو فرض أن أحداً يكره إظهار خطئه المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً