من يعظِّمه ويوهمهم أن بغض الراد وأذاه من أعمال العرب لأنه ذبٌّ عن ذلك العالم ورفع الأذى عنه وذلك قُربة إلى تعالى وطاعته. فيجمع هذا المظهر للنصح بين أمرين قبيحين محرَّمين: أحدهما: أن يحمل ردُّ العالم القول الآخر على البغض والطعن والهوى وقد يكون إنما أراد به النصح للمؤمنين وإظهار ما لا له كتمانه من العلم.

والثاني: أن يظهر الطعن عليه ليتوصل بذلك إلى هواه وغرضه الفاسد في قالب النصح والذب عن علماء الشرع وبمثل هذه المكيدة كان ظلم بني مروان وأتباعهم يستميلون الناس إليهم وينفِّرون قلوبهم عن علي بن أبي طالب والحسن والحسين وذريتهم رضي الله عنهم أجمعين.

وأنه لما قُتِل عثمان رضي الله عنه لم ترَ الأمة أحق من علي رضي الله عنه فبايعوه فتوصل من توصل إلى التنفير عنه بأن أظهر تعظيم قتل عثمان وقُبحه وهو في نفس الأمر كذلك ضُمَّ إلى ذلك أن المؤلَّب على قتله والساعي فيه علي رضي الله عنه وهذا كان كذباً وبهتاً. وكان علي رضي الله عنه يحلف ويغلِّظ الحلف على نفي ذلك وهو الصادق البارُّ في يمينه رضي الله عنه وبادروا إلى قتاله ديانةً وتقرُّباً ثم إلى قتال أولاده رضوان الله عليهم واجتهد أولئك في إظهار ذلك وإشاعته على المنابر في أيام الجُمَع وغيرها من المجامع العظيمة حتى استقر في قلوب أتباعهم أن الأمر على ما قالوه وأن بني مروان أحق بالأمر من علي وولده لقربهم من عثمان وأخذهم بثأره فتوصلوا بذلك إلى تأليف قلوب الناس عليهم وقتالهم لعلي وولده من بعده ويثبُت بذلك لهم الملك واستوثق لهم الأمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015