ومِن أظهرِ التعيير: إظهارُ السوء وإشاعتُه في قالب النصح وزعمُ أنه إنما يحمله على ذلك العيوب إما عاماً أو خاصاً وكان في الباطن إنما غرضه التعيير والأذى فهو من إخوان المنافقين الذين ذمهم الله في كتابه في مواضع فإن الله تعالى ذم من أظهر فعلاً أو قولاً حسناً وأراد به التوصل إلى غرض فاسد يقصده في الباطن وعدَّ ذلك من خصال النفاق كما في سورة براءة التي هتك فيها المنافقين وفضحهم بأوصافهم الخبيثة: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة: 107] (التوبة: 107) .
وقال تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 188] (آل عمران: 188) ، وهذه الآية نزلت في اليهود لما سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه وأخبروه بغيره وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك عليه وفرحوا بما أتوا من كتمانه وما سألهم عنه. كذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما وحديثه بذلك مخرّج في الصحيحين وغيرهما.