فَقَالَت الْمَرْأَة: يَا سَيِّدي، قد خرج من جَوف السَّمَكَة شَيْء أَصْغَر من بيض الدَّجَاج، وَهُوَ يُقَارب بيض الْحمام.
فَقَالَ: أريني، فَنظر إِلَى شَيْء مَا رأى فِي عمره مثله، فطار عقله، وحار لبه.
فَقَالَ لزوجته: هَذِه أظنها لؤلؤة.
فَقَالَت: أتعرف قدر اللؤلؤة؟ قَالَت: لَا، وَلَكِنِّي أعرف من يعرف ذَلِك، ثمَّ أَخذهَا، وَانْطَلق بهَا إِلَى أَصْحَاب اللُّؤْلُؤ؛ إِلَى صديق لَهُ جوهري، فَسلم عَلَيْهِ، فَرد عَلَيْهِ السَّلَام، وَجلسَ إِلَى جَانِبه يتحدث، وَأخرج تِلْكَ الْبَيْضَة.
وَقَالَ: انْظُر كم قيمَة هَذِه؟ قَالَ: فَنظر زَمَانا طَويلا، ثمَّ قَالَ: لَك بهَا عَليّ أَرْبَعُونَ ألفا، فَإِن شِئْت أقبضتك المَال السَّاعَة، وَإِن طلبت الزِّيَادَة؛ فَاذْهَبْ بهَا إِلَى فلَان، فَإِنَّهُ أثمن بهَا لَك مني.
فَذهب بهَا إِلَيْهِ، فَنظر إِلَيْهَا واستحسنها، وَقَالَ: لَك بهَا عَليّ ثَمَانُون ألفا، وَإِن شِئْت الزِّيَادَة؛ فَاذْهَبْ بهَا إِلَى فلَان، فَإِنِّي أرَاهُ أثمن بهَا لَك مني.
فَذهب بهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: لَك بهَا عَليّ مائَة وَعِشْرُونَ ألفا، وَلَا أرى أحدا يزيدك فَوق ذَلِك شَيْئا.
فَقَالَ: نعم، فوزن لَهُ المَال، فَحمل الرجل فِي ذَلِك الْيَوْم اثْنَتَيْ عشرَة بدرة، فِي كل بدرة عشرَة آلَاف دِرْهَم، فَذهب بهَا إِلَى منزله؛ ليضعها فِيهِ، فَإِذا فَقير وَاقِف بِالْبَابِ، يسْأَل.
فَقَالَ: هَذِه قصتي الَّتِي كنت عَلَيْهَا، ادخل، فَدخل الرجل.
فَقَالَ: خُذ نصف هَذَا المَال، فَأخذ الرجل الْفَقِير، سِتّ بدر، فحملها، ثمَّ تبَاعد غير بعيد، وَرجع إِلَيْهِ.
وَقَالَ: مَا أَنا بمسكين، وَلَا فَقير، وَإِنَّمَا أَرْسلنِي إِلَيْك رَبك، عز وَجل،