وَذكر القَاضِي أَبُو الْحُسَيْن فِي كِتَابه، قَالَ: دخل عَمْرو بن عبيد على أبي جَعْفَر الْمَنْصُور، قبل دولة بني الْعَبَّاس، وَكَانَ صديقه، وَبَين يَدَيْهِ طبق عَلَيْهِ رغيف، وغضارة فِيهَا فضلَة سكباج، وَهُوَ يتغدى، وَقد كَاد يفرغ، فَلَمَّا بصر عَمْرو؛ قَالَ: يَا جَارِيَة، زيدينا من هَذَا السكباج، وهاتي خبْزًا.
قَالَت: لَيْسَ عندنَا خبز، وَمَا بقى من السكباج شَيْء.
قَالَ: فارفعي الطَّبَق، ثمَّ قَالَ: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الْأَعْرَاف: 129] فَلَمَّا أفْضى الْأَمر إِلَى أبي جَعْفَر، وارتكب العظائم؛ دخل عَلَيْهِ عَمْرو بن عبيد، فوعظه، ثمَّ قَالَ: أَتَذكر يَوْمًا دخلت عَلَيْك. . . وَأعَاد الحَدِيث، وَقد استخلفك، فَمَاذَا عملت؟ فَجعل الْمَنْصُور يبكي وينتحب، وَفِيه حَدِيث طَوِيل.