إِلَّا أَنهم قد صَارُوا على دور خراب، وأحوال قبيحة، بِلَا فرش، وَلَا كسْوَة، وَلَا دَوَاب، وَلَا ضيَاع، موتى جوعا وهزالا.
قَالَ: فَمَا ترى؟ قَالَ: فِي الخزائن والاصطبلات بقايا مَا أَخذ مِنْهُم، فَلَو أمرت أَن ينظر فِي ذَلِك، فَكل من وجد لَهُ شَيْء بَاقٍ من هَذَا رد عَلَيْهِ، وأطلقت لَهُم ضياعهم، لعاشوا، وخف الْأَلَم وتضاعف الدُّعَاء، وقويت الْعَافِيَة.
قَالَ: فَوَقع عني بذلك، فَوَقع عَنهُ أَحْمد بن أبي دؤاد.
فَمَا شعرنَا من الْغَد، إِلَّا وَقد رجعت علينا نعمتنا، وَمَات الواثق بعد ثَلَاثَة أَيَّام.
وَفرج الله عَنَّا بِابْن أبي دؤاد، وَبقيت لَهُ هَذِه المكرمة الْعَظِيمَة فِي أعناقنا.
وَقد ذكر مُحَمَّد بن عَبدُوس هَذَا الْخَبَر، فِي كتاب الوزراء، عَن مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح، عَن عبيد الله بن سُلَيْمَان، بِمَا يقرب من هَذِه الْأَلْفَاظ، وَالْمعْنَى وَاحِد، إِلَّا أَنه لم يذكر أَنه كَانَ مَعَهم فِي الْحَبْس أَحْمد بن الخصيب.
حَدثنِي أبي رَضِي الله عَنهُ، فِي المذاكرة، بِإِسْنَاد لست أقوم عَلَيْهِ؛ لِأَنِّي لم أكتبه فِي الْحَال، قَالَ: كَانَ ابْتِدَاء الْعَدَاوَة بَين أبي عبد الله أَحْمد بن أبي دؤاد وَبَين الإفشين،