وَذكر الْمَدَائِنِي فِي كِتَابه، قَالَ: حَدثنَا رجل كَانَ من أُسَارَى الْحجَّاج، من أَصْحَاب ابْن الْأَشْعَث يَوْم الزاوية، قَالَ: جعل الْحجَّاج، يقتل عَامَّة الأسرى، وَبقيت منا جمَاعَة قَليلَة، وَأتي بِرَجُل ليضْرب عُنُقه، فَقَالَ: يَا حجاج، وَالله لَئِن كُنَّا أسأنا فِي الْفِعْل، فَمَا أَحْسَنت فِي الْعقُوبَة، وَإِن كُنَّا لؤمنا فِي الْجِنَايَة، فَمَا كرمت فِي الْعَفو.
فَقَالَ: ردُّوهُ، فَرد.
فَقَالَ: أَخْبرنِي كَيفَ قلت؟ فَأَعَادَ الْكَلَام.
فَقَالَ الْحجَّاج: صدقت، وَالله، أُفٍّ لهَذِهِ الْجِيَف، أما كَانَ فِيهَا أحد ينبهنا كَمَا نبهنا هَذَا؟ أطْلقُوا عَنهُ، وَعَن بَاقِي الأسرى.
فأطلقوا.
وَذكر الْمَدَائِنِي فِي كِتَابه، قَالَ: أُتِي الْحجَّاج بِقوم مِمَّن خَرجُوا عَلَيْهِ، فَأمر بهم فَقتلُوا، وأقيمت الصَّلَاة، وَقد بَقِي مِنْهُم رجل وَاحِد.
فَقَالَ الْحجَّاج لعنبسة: انْصَرف بِهَذَا مَعَك، واغد بِهِ عَليّ.