وَذكر القَاضِي أَبُو الْحُسَيْن فِي كِتَابه: حُكيَ أَن سعيد بن الْعَاصِ، قدم الْكُوفَة عَاملا لعُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله عَنهُ، وَكَانَ مِمَّن يتعشى عِنْده، رجل من الْفُقَرَاء، قد ساءت حَاله.
فَقَالَت امْرَأَته: وَيحك، إِنَّه قد بلغنَا عَن أميرنا كرم، فاذكر لَهُ حالك وحاجتك، لَعَلَّه أَن ينيلنا شَيْئا، فَلم يبْق للصبر فِينَا بَقِيَّة.
فَقَالَ: وَيحك، لَا تخلقي وَجْهي.
قَالَت: فاذكر لَهُ مَا نَحن فِيهِ على كل حَال.
فَلَمَّا كَانَ بالْعَشي؛ أكل عِنْده، فَلَمَّا انْصَرف النَّاس؛ ثَبت الرجل.
فَقَالَ سعيد: حَاجَتك؟ فَسكت.
فَقَالَ سعيد لِغِلْمَانِهِ: تنحوا، ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا نَحن أَنا وَأَنت، فاذكر حَاجَتك، فتعقد وتعصر، فَنفخ سعيد الْمِصْبَاح فأطفأه.
ثمَّ قَالَ لَهُ: يَرْحَمك الله، لست ترى وَجْهي، فاذكر حَاجَتك.