وَذكر أَبُو الْحُسَيْن القَاضِي، بِإِسْنَاد، قَالَ: حَدثنِي أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد الْكَاتِب، عَن أَحْمد بن إِسْرَائِيل، قَالَ: كنت كَاتبا لمُحَمد بن عبد الْملك الزيات، فَقدم عَلَيْهِ رجل من ولد عمر بن هُبَيْرَة، يُقَال لَهُ: إِبْرَاهِيم بن عبد الله الهبيري، فلازمه يطْلب تَصرفا.
وَكَانَ ابْن الزيات قَلِيل الْخَيْر، لَا يرْعَى ذماما، وَلَا يُوجب حُرْمَة، وَلَا يحب أَن يصطنع أحدا، فأضجره الهبيري من طول تردده عَلَيْهِ.
فدعاني ابْن الزيات يَوْمًا، وَهُوَ رَاكب، وَقَالَ: قد تبرمت بملازمة هَذَا الرجل، فَقل لَهُ: إِنِّي لست أوليه شَيْئا، وَلَا لَهُ عِنْدِي تصرف، ومره بالانصراف عني.
قَالَ: فَقلت: أَنا، وَالله، أستحي أَن ألْقى مؤملا عَنْك، بِمثل هَذَا.
قَالَ: لَا بُد أَن تفعل.
قلت: نعم.
فَلَمَّا صرت إِلَى منزلي؛ وجهت إِلَى الهبيري، فَجَاءَنِي، فَقلت لَهُ: مَا كنت تؤمل أَن تنَال بِصُحْبَة أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات، خُذْهُ من مَالِي، وَلَا تقربه، وَهَذِه ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم.
فَقَالَ مُتَعَجِّبا: من مَالك؟ قلت: نعم.