تَعَالَى للأخوة بِسَبَب الرَّحِم وَحُرْمَة الْأُم وَأَنه لم يزدهم على الثُّلُث وَإِن كَثُرُوا فَكيف يُزَاد من هُوَ أبعد مِنْهُم فِي حكم الْوَصِيَّة بل الثُّلُث فِي حَقهم كثير وَالْقُرْآن وَالسّنة نوران من مشكاة وَاحِدَة فَينْظر بعضه إِلَى بعض وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا فصل
وَمن الْعَجَائِب أَن الْكَلَالَة فِي هَذِه الْآيَة لَا يَرث فِيهَا الْأُخوة مَعَ الْبِنْت وَهُوَ لم يقل فِيهَا {لَيْسَ لَهُ ولد} كَمَا قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى أَلا ترى إِلَى قَوْله فِيهَا {إِن امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد} ثمَّ ورثت فِيهَا الْأَخَوَات مَعَ الْبِنْت وَالْبِنْت ولد وَهَذِه الَّتِي لم يذكر فِيهَا الْوَلَد لَا يَرث الْأُخوة مَعَ ولد أصلا لَا ذكرا وَلَا أُنْثَى وَيتَعَيَّن الاعتناء بِهَذَا السُّؤَال والكشف عَنهُ
وَالْجَوَاب فِيهِ من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن الْأُخْت الشَّقِيقَة وَالَّتِي للْأَب لَيْسَ لَهَا مَعَ الْبِنْت فرض مَعْلُوم وَإِنَّمَا يرثن بالتعصب فَيكون معنى قَوْله فلهَا نصف مَا ترك فلأخته النّصْف فَرِيضَة إِذا لم يكن ولد ذكر وَلَا أُنْثَى فَإِن كَانَت بِنْتا فَلَيْسَ للْأُخْت فَرِيضَة وَإِنَّمَا لَهَا مَا بَقِي وَالَّذِي يبْقى بعد الْبِنْت الْوَاحِدَة نصف وَبعد الْبَنَات ثلث وَإِن كَانَ مَعَ الْبَنَات من لَهُ فرض مُسَمّى يُحِيط بِالْمَالِ مَعَ سهم الْبَنَات لم يكن للأخوة سهم فَلَيْسَ فِي تَوْرِيث الْأَخَوَات مَعَ الْبِنْت مَا يُعَارض نَص الْآيَة على هَذَا
وَالْجَوَاب الثَّانِي وَهُوَ التَّحْقِيق أَن فرض الْأُخوة للْأُم إِنَّمَا شَرط فِيهِ عدم الْبِنْت وَالِابْن جَمِيعًا لقَوْله {وَإِن كَانَ رجل يُورث} وَلم يقل فِي الْكَلَالَة