بِلَفْظ الْأُبُوَّة وَلَا يُقَال لَهَا أَب وَلَا أَبَة إِذا انْفَرَدت وَلَا يُقَال لَهَا إِلَّا وَالِدَة فَلَو ذكر بِلَفْظ الْولادَة لسرى أَيْضا حق الْمِيرَاث مِنْهَا إِلَى والدها إِذا عدمت هِيَ كَمَا سرى ذَلِك فِي الْأَب إِلَى الْجد إِذا عدم الْأَب وَهَذَا دَقِيق فافهمه
وَقد تقدم اللَّفْظ بَين حالتي اللَّفْظَيْنِ وَمَا يشاكله من مقامات الْكَلَام كل وَاحِد من الاسمين وتنزيل الْأَلْفَاظ فِي مواطنها وَهُوَ معنى البلاغة وَهِي الفصاحة وَمن هُنَا يعلم الإعجاز فِي كَلَام الله الْعَزِيز وَالْحَمْد لله
وَقَوله {لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مِمَّا ترك إِن كَانَ لَهُ ولد} سوى الله بَين الْأَبَوَيْنِ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِذا كَانَ للْمَيت ولد وَلم يفضلهما على الْوَلَد لِأَنَّهُ يُقَال للْأَب كَمَا كنت تحب لابنك من الْغنى وَالْخَيْر أَكثر مِمَّا تحب لأَبِيك فَكَذَلِك حَال ابْنك مَعَ وَلَده كحالك مَعَ ولدك لِأَن الْوَالِد أحب النَّاس غنى لِابْنِهِ وأعزهم فقرا عَلَيْهِ كم قَالَ الصّديق لابنته عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا عِنْد مَوته وَكَانَ أَبوهُ حَيا فَقَالَ لَهَا مَا من أحد أحب إِلَيّ غنى مِنْك وَلَا أعز فقرا عَليّ بعدِي مِنْك وَلم يسْتَثْن أَبَاهُ وَلَا غَيره