قال أبرويز [1] : الملوك يشتمون بالأفعال لا بالأقوال، ويسفّهون بالأيدي لا بالألسن. وقد نظم هذا المعنى شاعر العرب [2] فقال:
وتجهل أيدينا ويحلم رأينا ... ونشتم بالأفعال لا بالتكلّم
(طويل) ومما يكره للملك- الانهماك في اللّذات وسماع الأغاني، وقطع الزّمان بذلك قال الشاعر أبو الفتح البستي:.
إذا غدا ملك باللهو مشتغلا ... فاحكم على ملكه بالويل والحرب
أما ترى الشّمس في الميزان هابطة ... لمّا غدا وهو برج اللهو والطّرب
(بسيط) وما دخل الخذلان على ملك من طريق اللهو واللعب، كما دخل على جلال الدين [3] بن خوارزم شاه- فإنّه لما هرب من المغول تبعوه، فكان إذا رحل عن بلدة نزلوها بعده، وإذا أصبح في مكان أمسوا هم في المكان يريدون قصده. وهو مع ذلك مواصل لشرب الخمر، عاكف على الدفّ والزّمر، لا ينام ألّا سكران، ولا يصبح إلّا مخمورا نشوان. وعسكره في كلّ يوم يقلّ، وأمره كلّ يوم يزيد اضطرابا، ورأيه في كلّ لحظة يفيل، وحدّه يفلّ، وهو لا يشعر بذلك ولا يلتفت إليه، حتى قال شاعره يخاطبه:
شاها ز مى گواه چهـ بر خواهد، خاست ... وز مستى هر زمان چهـ بر خواهد خاست