واعلم أنّ دولة المقتدر كانت دولة ذات تخليط كثير، لصغر سنّه ولاستيلاء أمّه ونسائه وخدمه عليه. فكانت دولته تدور أمورها على تدبير النساء والخدم وهو مشغول بلذّته، فخربت الدّنيا في أيّامه. وخلت بيوت الأموال. واختلفت الكلمة.
فخلع ثمّ أعيد. ثم قتل. وفي تلك الأيّام نبعت الدّولة الفاطميّة بالمغرب.
هذه دولة اتسعت أكناف مملكتها وطالت مدّتها، فكان ابتداؤها حين ظهر المهديّ بالمغرب في سنة ستّ وتسعين ومائتين. وانتهاؤها في سنة سبع وستين وخمسمائة وكادت هذه الدولة أن تملك ملكا عامّا، وأن تدين الأمم لها. وإليها أشار الرّضيّ الموسوي [1]- قدّس الله روحه- بقوله:
ما مقامي على الهوان وعندي ... مقول قاطع وأنف حميّ
وإباء محلّق بي عن الضّيم ... كما زاغ طائر وحشيّ
أحمل الضّيم في بلاد الأعادي ... وبمصر الخليفة العلويّ
من أبوه أبي، ومولاه مولاي ... إذا ضامني البعيد القصيّ
لفّ عرقي بعرقه سيّدا الناس ... جميعا: محمد وعليّ
إنّ ذلي بذلك الجو عزّ ... وأوامي [2] بذلك الرّبع ريّ
(خفيف)