العبّاسيّ، والبيت العلويّ، فلم ير فيهما أصلح ولا أفضل، ولا أورع ولا أدين، من عليّ بن موسى الرّضا- عليهما السّلام- فعهد إليه، وكتب بذلك كتابا بخطّه، وألزم الرّضا- عليه السّلام- بذلك، فامتنع ثمّ أجاب، ووضع خطّه في ظاهر كتاب المأمون بما معناه: إني قد أجبت امتثالا للأمر، وإن كان الجفر والجامعة يدلان على ضدّ ذلك، وشهد عليهما بذلك الشّهود.
وكان الفضل بن سهل وزير المأمون هو القائم بهذا الأمر والمحسّن له، فبايع الناس لعلي بن موسى من بعد المأمون، وسمّي الرّضا من آل محمّد (صلوات الله عليه) .
وأمر المأمون الناس بخلع لباس السّواد ولبس الخضرة، وكان هذا في خراسان فلمّا سمع العبّاسيّون ببغداد فعل المأمون، من نقل الخلافة عن البيت العبّاسي إلى البيت العلويّ، وتغيير لباس آبائه وأجداده بلباس الخضرة- أنكروا ذلك وخلعوا المأمون من الخلافة غضبا من فعله، وبايعوا عمّه إبراهيم بن المهديّ وكان فاضلا شاعرا، فصيحا أديبا، مغنيا حاذقا، وإليه أشار أبو فراس بن حمدان في ميميّته بقوله:
منكم عليّة أم منهم وكان لكم ... شيخ المغنّين إبراهيم أم لهم؟ [1]
(بسيط) وكانت تلك الأيام أيام فتن وحروب، فلمّا بلغ المأمون ذلك قام وقعد، فقتل الفضل بن سهل، ومات بعده عليّ بن موسى من أكل عنب، فقيل: إنّ المأمون لما