وهو لا يعلم فمات. وذلك في سنة تسع وستين ومائة. وقال أبو العتاهية يصف جواريه وقد برزن بعد موته وعليهنّ المسوح:
رحن في الوشي وأقبلن عليهنّ المسوح [1] ... كلّ نطّاح من الدّهر له يوم نطوح
لست بالباقي ولو عمّرت ما عمّر نوح ... فعلى نفسك نح إن كنت لا بدّ تنوح
(رمل)
في أيّامه ظهرت أبّهة الوزارة بسبب كفاءة وزيره أبي عبيد الله معاوية بن يسار فإنّه جمع له حاصل المملكة، ورتّب الديوان، وقرّر القواعد. وكان كاتب الدنيا وأوحد النّاس حذقا وعلما وخبرة. وهذا شرح طرف من حاله.
هو من موالي الأشعريّين [2] . كان كاتب المهديّ ونائبة قبل الخلافة، ضمّه المنصور إليه، وكان قد عزم أن يستوزره، لكنه آثر به ابنه المهديّ، فكان غالبا على أمور المهديّ لا يعصي له قولا، وكان المنصور لا يزال يوصيه فيه ويأمره بامتثال [3] ما يشير به، فلمّا مات المنصور وجلس المهديّ على سرير الخلافة، فوّض إليه تدبير المملكة وسلّم إليه الدواوين. وكان مقدّما في صناعته فاخترع أمورا: منها أنه نقل الخراج إلى المقاسمة- وكان السّلطان يأخذ عن الغلات خراجا