هنيئا لأصحاب السّيوف بطالة ... تقضى بها أوقاتهم في التنعم
فكم فيهم من وادع العيش لم يهج ... لحرب ولم ينهد لقرن [1] مصمّم
يروح ويغدو عاقدا في نجاده ... حساما سليم الحدّ لم يتثلم
ولكن ذوو الأقلام في كلّ ساعة ... سيوفهم ليست تجفّ من الدم
(طويل) وفيها يقول بعض الشعراء، حين قتل المتوكل وزيره محمد بن عبد الملك الزيات:
يكاد القلب من جزع يطير ... إذا ما قيل: قد قتل الوزير
أمير المؤمنين قتلت شخصا ... عليه رحاكم كانت تدور [2]
فمهلا يا بني العبّاس مهلا ... لقد كويت بغدركم الصّدور
(وافر) إلا أنّها كانت دولة كثيرة المحاسن جمّة والمكارم. أسواق العلوم فيها قائمة وبضائع الآداب فيها نافقة، وشعائر الدين فيها معظّمة، والخيرات فيها دارّة [3] ، والدّنيا عامرة، والحرمات مرعيّة، والثغور محصّنة، وما زالت على ذلك حتى كانت أواخرها فانتشر الجبر [4] واضطرب الأمر، وانتقلت الدولة. وسيرد ذلك في موضعه مشروحا إن شاء الله تعالى. وهذا أوان الشروع في ذكر خليفة خليفة.
هو أبو العبّاس عبد الله بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بويع في سنة مائة واثنتين وثلاثين.