أريد حباءه [1] فيريد قتلي ... عذيرك [2] من خليلك من مراد
(وافر) وكان يقال له إذا جرى على لفظه مثل هذا: يا أمير المؤمنين: فلم لا تقتله؟ فيقول: كيف أقتل قاتلي؟ وهذا يدلّ على أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم- أعلمه بذلك في جملة ما أعلمه به. وممّا يؤكّد هذا ما روي عن أنس بن مالك [3]- رضي الله عنه- قال: مرض عليّ- عليه السّلام- فدخلت عليه أعوده وعنده أبو بكر وعمر- رضي الله عنهما- فجلسنا عنده ساعة، فأتى رسول الله- صلوات الله عليه- فنظر في وجهه، فقال له أبو بكر- رضي الله عنه- يا نبيّ الله: إنّا نراه مائتا فقال: «لن يموت هذا الآن، ولن يموت حتّى يملأ غيظا ولن يموت إلا مقتولا» . وكان عليّ- عليه السّلام- دائما يحسن إلى ابن ملجم لعنه الله. قالوا: فلما دخل شهر رمضان من سنة أربعين، كان عليّ- عليه السّلام- يفطر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين، وليلة عند ابن أخيه عبد الله بن جعفر الطيّار عليهم السّلام، فإذا أكل لا يزيد على ثلاث لقم ويقول: إنّما هي ليلة أو ليلتان، ويأتي أمر الله وأنا خميص. فلم يمض إلا ليال قلائل حتّى قتل عليه السّلام. وقيل: إنّه قتل في شهر ربيع الآخر. والأوّل أصحّ وهو المعوّل عليه.
وأما كيفيّة قتله- عليه السّلام-: فهي أنه خرج من داره بالكوفة أوّل الفجر فجعل ينادي: الصلاة يرحمكم الله فضربه ابن ملجم- لعنه الله- بالسيف على أمّ رأسه وقال: الحكم للَّه لا لك يا عليّ، وصاح الناس وهرب ابن ملجم، فقال أمير المؤمنين. لا يفوتكم الرجل، فشد الناس عليه فأخذوه، واستناب عليّ- عليه السّلام- في صلاة الصبح بعض أصحابه وأدخل داره فقال: أحضروا الرّجل