ونعلم أن ما وصف الله به من ذلك فهو حق ليس فيه لغز ولا أحاجي، بل معناه يُعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه، [لا سيما إذا كان المتكلم أعلم الخلق بما يقول وأفصح الخلق في بيان العلم وأنصح الخلق في البيان والتعريف والدلالة والإرشاد] .
وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته، ولا في أفعاله، فكما يتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقة، وله أفعال حقيقية، فكذلك له صفات حقيقية، وهو ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وكل ما أوجب نقصًا أو حدوثًا فإن الله منزه عنه حقيقة، فإنه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، ويمتنع عليه الحدوث لامتناع العدم عليه، واستلزام الحدوث، سابقه العدم، ولافتقار المحدَث إلى مُحدِث، ولوجوب وجوده بنفسه سبحانه وتعالى.