يقولون: إنا قصدنا الإحسان علمًا وعملاً بهذه الطريق التي سلكناها، والتوفيق بين الدلائل العقلية والنقلية.
ثم عامة هذه الشبهات التي يسمونها دلائل إنما تقلدوا أكثرها عن طواغيت من طواغيت المشركين أو الصابئين، أو بعض ورثتهم الذين أُمروا أن يكفروا بهم، مثل فلان وفلان، أو عن من قال كقولهم لتشابه قلوبهم {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65] ، {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ..} [البقرة:213] .
ولازم هذه المقالة: أن لا يكون الكتاب هدًى للناس، ولا بيانًا ولا شفاء [لما في الصدور] ولا نورًا، ولا مردًّا عند التنازع، لأنا نعلم بالاضطرار [أن ما يقوله هؤلاء المتكلفون أن الحق الذي يجب اعتقاده لم يدل عليه [الكتاب والسنة] لا نصًا ولا ظاهرًا، وإنما غاية المتحذلق أن يستنتج هذا من قوله: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:4] ،