السلف، أو تعمد الكذب، فما يمكن أحد قط أن ينقل عن واحد من السلف ما يدل ـ لا نصًا ولا ظاهرًا ـ أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش، ولا أن الله ليس له سمع وبصر ويد حقيقة.
وقد رأيت هذا المعنى ينتحله بعض من يحكيه عن السلف، ويقول: إن طريقة أهل التأويل هي ـ في الحقيقة ـ طريقة السلف، بمعنى أن الفريقين اتفقوا على أن هذه الآيات والأحاديث لم تدل على صفات الله سبحانه، ولكن السلف أمسكوا عن تأويلها، والمتأخرون رأوا المصلحة تأويلها، لمسيس الحاجة إلى ذلك ويقول: الفرق أن هؤلاء يعينون المراد بالتأويل، وأولئك لا يعينون لجواز أن يراد غيره.
وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف: أما في كثير من الصفات فقطعًا، مثل أن الله فوق العرش، فإن من تأمل كلام السلف المنقول عنهم ـ الذي لم يحك هنا عشره ـ علم بالاضطرار أن القوم كانوا مصرحين بأن الله فوق العرش حقيقة، وأنهم ما اعتقدوا خلاف هذا