وأما قراءة النهار، فأفضلها ما كان بعد صلاة الصبح، ولا كراهة في القراءة في وقت من الأوقات، ولا في أوقات النهي عن الصلاة. وأما ما حكاه ابن أبي داود رحمه الله، عن معاذ بن رفاعة رحمه الله، عن مَشْيَخَةٍ أنهم كرهوا القراءة بعد العصر وقالوا: إنها دراسة يهود، فغير مقبول، ولا أصل له،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الإلهية وفيه ساعة الإجابة وقياسًا على صلاة النفل إذ هو فيه أفضل منه في النصف الأول. قوله: (وأَما قراءةُ النهَارِ فأَفضلُها ما كَانَ بعدَ صلاةِ الصبح) قال تعالى: ({وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)} [الإسراء: 78] تشهده الملائكة المتعاقبون بالليل والنهار كما في الحديث يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار الحديث وفيه أنهم يجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر قال أبو حيان في النهر وأعاد قرآن الفجر في قوله أن قرآن الفجر ولم يأت به مضمرًا فيكون فيه على سبيل التعظيم التنويه بقرآن الفجر اهـ، ولأن الفراغ فيه أتم منه باقي أوقات النهار. قوله: (ولا كراهَة فيهِ) قال في التبيان لا كراهة للقرآن في وقت من الأوقات لمعنى فيه اهـ. أما إذا عرض ما يكره معه القراءة من نعاس أو حديث أو نحوه فيكره لذلك العارض لا لمعنى في الوقت. قوله: (وأَما مَا حكاه ابن أَبِي دَاودَ الخ) قال الحافظ معان بضم الميم وتخفيف المهملة وآخره نون شامي مختلف في توثيقه وهو من طبقة الأوزاعي وجل روايته عن صغار التابعين وقيل محل كراهتهم قصر القراءة على ذلك الوقت ولولا التعليل الذي ذكره لكان للكراهة وجه لأن غالب التلاوة داخل الصلاة والنفل بلا سبب مكروه ذلك الوقت والله أعلم ويكفي في رد ذلك القول أن فيه خاتمة النهار وقيل البر فيه محمود ومطلوب وقد قال تعالى فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن بدأ النهار وختمه بطاعة كان سببًا لتكفير بما بينهما كما تقدم يا بن آدم صل في أول النهار ركعتين وآخره ركعتين أكفك ما بينهما. قوله: (عنْ مشيخَة) بفتح الميم وسكون المعجمة وفتح التحتية والخاء المعجمة وهو أحد جموع لفظ شيخ ويقال في جمعه أيضًا شيوخ وأشياخ وشيخان وشيخ وشيخة بكسر الشين وفتح الياء بإسكانها ومشايخ ومشيوخاء بالمد وقد نظمها ابن مالك غير أنه أسقط منها مشايخ فقال:
شيخ شيوخ ومشيوخاء مشيخة ... شيخان أشياخ أيضًا شيخة شيخة