وَمِنْ عذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيا والمَمات، ومِنْ شَرِّ المَسْيحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وفي المطلع للبعلي قال الجوهري جهنم لا تنصرف للعلمية والتأنيث وهي من أسماء النار التي يعذب الله بها عباده ويقال هو فارسي معرف وقال ابن الجواليقي وقيل عربي اهـ. قوله: (ومنْ عذَاب القبْرِ) فيه أبلغ رد على المعتزلة في إنكارهم له ومبالغتهم في الحط على أهل السنة في إثباته حتى وَقع لسني أنه صلى على معتزلي فقال اللهم أذقه عذاب القبر فإنه كان لا يؤمن به ويبالغ في نفيه وتخطئة مثبته. قوله: (ومنْ فِتنةِ المحيَا والمماتِ) أي الحياة والموت ويحتمل أنه زمن ذلك لأنه معتل العين من الثلاثي يأتي من المصدر
والزمان والمكان بلفظ واحد والمراد الاستعاذة من جميع فتن الدارين في الحياة من كل ما يضر ببدن أو دين أو دنيا للداعي ولمن له به تعلق مع عدم الصبر وفي الموت قبيله عند الاحتضار من تسويل الشيطان الكفر حينئذٍ بطرائق جاءت في الأخبار ومن شدائد سكراته وأضيفت إلى الممات لقربها منه وبعده من سؤال الملكين مع الخوف والانزعاج وأهوال الكفر وشدائده وقد صح حديث أسماء أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبًا من فتنة الدجال وحينئذٍ فلا يكون مكررًا مع عذاب القبر لأن عذاب القبر مرتب على فتنة الممات ومتسبب عنها والسبب غير المسبب ولكون عذاب جهنم وعذاب القبر أعظم فتن الممات وفتنة الدجال أعظم من فتن الدنيا خصت بالذكر وعطف على الأولين من عطف العام على الخاص وعكسه في قوله وفتنة المسيح الخ، والعطف بنوعيه المذكورين شائع سائغ سيما أن قارنه محسن كما ذكرناه وحكمة تقديم ذكر عذاب القبر على فتنة الدجال وغيرها أن عذابه أطول زمنًا وأبلغ مكانة وأفظع موقعًا وأخوف هلاكًا لخطره وتأخير فتنة الدجال أنه إنما يقع آخر الزمان قرب قيام الساعة.
فائدة
قال القاضي عياض الفتنة عرفًا اختيار كشف ما يكره يقال فتنت الذهب إذا أدخلته في النار لتخبره وتنظر جودته ويسمى الصائغ الفتان وماضيه فتن وحكي افتن وأنكره الأصمعي وقال الفراء أهل الحجاز يقولون ما أنتم عليه بفاتنين وأهل نجد بمفتنين كذا في غاية الأحكام. قوله: (ومنْ شَرِّ) هذا من عطف خاص كما تقدم يدل على عظيم فتنته وقوة بليته ويمكن أن يكون كناية عن الكفر في الحياة والممات لأنها نتيجة فتنته وقوة بليته ولا شك أنها أعظم الفتن فحقيقة بأن تختم الدعاء به فيحصل حسن الخاتمة بسببه. قوله: (المسِيح) هو بالحاء المهملة المخففة يطلق على عيسى بن مريم