فزهَّدهم في هذه الدار، فاجتهدوا في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لاستحالة قيام حقيقتها من الميل النفساني بالباري سبحانه وتعالى المراد بها هنا غايتها من إرادة الثواب فتكون صفة ذات، أو الإثابة فتكون صفة فعل وقال القشيري في الرسالة محبة الله للعبد إرادته لإنعام مخصوص على العبد كما أن رحمته لو إرادة الإنعام عليه فالرحمة أخص من الإرادة والمحبة أخص من الرحمة، فإرادة الله تعالى أن يوصل العبد الثواب والإنعام تسمى رحمة وإرادته لأن يخصه بالقربة والأحوال العلية تسمى محبة وإرادته تعالى صفة واحدة، بحسب تفاوت متعلقاتها تختلف أسماؤها فإذا تعلقت بالعقوبة تسمى سخطاً وإذا تعلقت بعموم النعم تسمى رحمة وإذا تعلقت بخصوصها تسمى محبة وقوم قالوا محبة الله تعالى للعبد مدحه له وثناؤه عليه بجميل فيعود معنى محبته له على هذا القول إلى كلامه، وكلامه قديم. وقال قوم محبته للعبد من صفات فعله فهو
إحسان مخصوص يلقى الله العبد به ويرقيه، وقوم من السلف قالوا محبة الله من صفات الخيرية، فأطلقوا هذا اللفظ فوقفوا عن التفسير، قال الشيخ زكريا في شرحه فهذه أربعة أقوال ترجع إلى قولين لرجوع الفعل إلى الإرادة والخيرية إلى الكلام اهـ، وإفراد الضمير في أكثر النسخ باعتبار لفظ من وجمعها في نسخة باعتبار معنى من. قوله: (فزهدهم إلخ) الزهد شرعاً أخذ قدر الضرورة من الحلال المتيقن الحل وهو أخص من الورع اذ هو ترك المشتبه وهذا زهد العارفين وإليه أشار بقوله فزهدهم في هذه الدار وإلى هذا المعنى أشار من قال:
إن لله عبادًا فطنًا ... طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا ... أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا ... صالح الأعمال فيها سفنا
وأعلى منه زهد المقربين وهو الزهد فيما سوى الله تعالى من جنة وحال