وما يتعلق بالسند من انقطاع واتصال وإرسال ولذا اعتنى به المتقنون من المحدثين أتم الاعتناء وجعلوه أعلى أنواع التحمل، كما قال بعضهم بذلك معلناً:
بادر على كتاب الأمالي جاهداً ... من ألسن الحفاظ والفضلاء
فأجل أنواع الحديث بأسرها ... ما يكتب الإنسان في إملاء
وبيّن سببه الحافظ ابن حجر بقوله:
إن في الأمالي من مزيد الضبط ما ... لم يخف إلا عن أخي عمياء
فالشيخ قد يسهو متى يسرد كذا الـ ... ـقارئ وإن كانا من النبهاء
وقد تقاصرت الهمم عن هذا المقام، وتقاعدت طلبة الطلبة عن طلب هذا المرام، مع أني لا أغفل شيئاً مما فيه مما يحتاج إليه من ذكر المخرجين للحديث وبيان مرتبته، وأعرضت عن التطويل بذكر الأسانيد، وإن كانت لأرباب الحديث ألذ مشتهى وأحلى من الفانيذ، على أن الكتاب موضوع للعموم، مقصود لاشتراك الخواص وغيرهم في فهم ما له من منطوق ومفهوم، فاستخرت الله الذي ما خاب من استخاره، واستجرت بحبله المتين وهو لا يضيم جاره، في وضع هذا التعليق، ليكون كالمعين لمطالعيه من أرباب التوفيق، سالكاً فيه طريقاً سالمة من الإيجاز والإطناب، تاركاً للكثير مما يحصل به الملل والإسهاب متكلماً على ما يحتاج للكلام، ساكناً عن الواضح البين للإفهام. ناقلاً لجواهر درره من معادنها، مبرزاً لخبايا عرائسه من مكامنها، ليس فيه سوى التقريب، والله المرجو في النفع به وقبوله أنه المجيب القريب، وسميته الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية" جعله الله بمنه مقبولاً، وبالقبول والنفع مشمولاً، سبباً للنجاة من هول يوم القيامة، وذخيرة معدة عند سيدنا محمد المظلل بالغمامة، عليه أفضل الصلاة والسلام والتحية والسلامة، وأحبولة لنيل فضله والكرامة والله الكرام يعطي إن شاء لكل عبد من فضله مرامه. وهو حسبي ونعم الوكيل.