الجَنةَ طَيبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ المَاءِ، وأنهَا قِيعان، وأنَّ غِرَاسَهَا: سُبْحَانَ اللهِ، والحَمْدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكْبَرُ" قال الترمذي: حديث حسن.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إن إطلاق الأمة على الجماعة لا بد أن يكون لهم جامع مما ذكر. قوله: (الجنة) هي كما في مفردات الراغب كل بستان ذي شجر يستر الأرض بأشجاره وسميت الجنة إما تشبيهاً بالجنة في الأرض وإن كان بينهما بون وإما لستره عنا نعيمها المشار إليه بقوله: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] اهـ، باختصار وطيب تربها لأن تربها المسك والزعفران ولا أطيب منها. قوله: (عذبةُ الماء) قال تعالى: {أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} [محمد: 15] أي غير متغير بملوحة ولا غيرها. قوله: (قيعَانٌ) في المفردات القيع والقاع المستوي من الأرض جمعه قيعان وتصغيره قويع. قوله: (غرَاسَها) جمع غرس وهو ما يغرس وقيل ما يستر تراب الأرض من نحو البذر لينبت بعد ذلك وإذا كانت التربة طيبة وماؤها عذباً كان غراسها أطيب وأفضل لبلوغه النهاية في الصلاح والنمو وقد يطلق الغراس على وقت الغرس والمراد إن هذه الكلمات سبب لدخول قائلها الجنة لكثرة أشجار منزله داخل الجنة لأنه كلما ذكرها نبتت له أشجار بعددها ثم لا يشكل هذا الخبر المصرح يكون الجنة قيعاناً قابلة لغرس الأشجار بما يقتضيه نحو قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [طه: 76] الآية من تكاثفها بالتفاف أغصان الأشجار إذ معنى الجنة مأخوذ من الستر على ما تقدم فيه وهي مخلوقة معدة للمتقين لأنه ليس المراد من الخبر خلوها الكلي عن القصور والأشجار بل معناها إن فيها ما هو ملتف بالأشجار وفيها ما هو واسع معد للغراس، والبذر الباقيات الصالحات ونحوها من الطاعات ويتميز الغرس الأصلي الذي بلا سبب والغرس المتسبب عن تلك الكلمات وحكمته تفاوت شكر المتمتع بذلك على ما غرسه بقوله تلك الكلمات وعلى ما لم يغرسه وإنما غرس له جزاء أعماله تفاوت التذاذه بذلك إذ ما تعب الإنسان في غرسه ليس كالذي يجيء له مغروساً بلا تعب قال العاقولي