قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- أوصني، قال: لا تَغْضَبْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فقد أخرج أحمد عنه قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله قل لي قولاً وأقلل علي لعلي أعقله قال: لا تغضب فأعدت عليه مراراً كل ذلك يقول: لا تغضب لكن نازغ في هذا يحيى القطان بأنهم يقولون حارثة تابعي لاصحابي، أو جارية بن قدامة بالجيم وعليه اقتصر السيوطي في التوشيح وأخرج أبو يعلى عن جارية بن قدامة قال: أخبرني عم أبي أنه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- فذكر نحو حديث حارثة ورواته رواة الصحيح كما في الترغيب وقال الكازروني هو ابن عمر أو حارثة بن قدامة أو سفيان بن عبد الله وتقدم في باب ما يقول إذا غضب حكايته قول بأنه معاذ بن جبل. قوله: (أوصني) قال الزهري الإيصاء والوصية مشتقة من وصيت الشيء بكذا إذا وصلته إليه فالمعنى صلني إلى ما ينفعني ديناً ودنيا ولما علم -صلى الله عليه وسلم- من هذا الرجل كثرة الغضب وهو طبيب في الدين يعالج كل واحد بمرضه المخصوص خصه بهذه الوصية فقال: لا تغضب زاد أحمد وابن حبان قال الرجل: تفكرت فيما قال: فإذا الغضب يجمع الشر كله قال الخطابي: معنى لا تغضب اجتنب أسباب الغضب ولا تتعرض لما يجلبه أما نفسه فلا يتأتى البعد عنه لأنه أمر جبلي وقيل المنهي عنه الغضب المكتسب وقيل المعنى لا تفعل ما يأمرك به الغضب وقيل هو أمر بالتواضع لأن الغضب إنما ينشأ عن الكبر لكونه يقع عند مخالفة ما يريده فيحمله الكبر على الغضب قال ابن التين جمعت هذه الوصية خير الدنيا والآخرة وقال غيره يترتب على الغضب تغير الظاهر والباطن من القلب واللسان والجوارح ديناً ودنيا من تغير اللون والرعدة في الأطراف واستحالة الخلق وخروج الأفعال على غير ترتيب وإضمار الحقد والسوء على اختلاف أنواعه وانطلاق اللسان بالشتم والفحش واليد بالضرب والقتل وربما مزق ثوبه أو لطم خده أو كسر الآنية أو ضرب من ليس له ذنب قال الطوفي وأقوى الأشياء في دفع الغضب استحضار أن لا فاعل إلا الله وأنه لو شاء لم يكن ذلك الغير منه فإذا غضب والحالة هذه كان غضبه على ربه قال بعض المحققين أقوى أسباب رفعه ودفعه التوحيد الحقيقي