قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن اللهَ تَعالى طَيِّبٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

يسمى مؤمناً ناقص الإيمان وآخرون إلى أنه يقال له: مسلم لا مؤمن قيل وهو المختار ومقصود الحديث كما علم مما قررناه في معناه ائتلاف قلوب المؤمنين وانتظام أحوالهم وهذا هو قاعدة الإسلام الكبرى التي أوصى الله تعالى بها بقوله: {واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} وإيضاحه أن كل أحد إذا أحب لباقيهم أن يكونوا مثله في الخير أحسن إليهم وأمسك أذاه عنهم فيحبونه فنسري بذلك المحبة بين النّاس فيسري الخير بينهم ويرتفع الشر فتنتظم أمور معاشهم ومعادهم وتكون أحوالهم على غاية السداد ونهاية الاستقامة وهذا هو غاية المقصود من التكاليف الشرعية والأعمال البدنية والقلبية وهذا كله مما يتولد من سلامة الصدر من الغل والغش والحسد فإن الحسد يقتضي أن يكره الحاسد أن يفوقه أحد في خير أو يساويه فيه لأنه يحب أن يمتاز على النّاس بفضائله والإيمان يقتضي أن يشركوه كلهم فيما أعطي من الخير من غير أن ينقص عليه منه شيء، نعم ورد أنه لا حرج على من كره الامتياز بالجمال كما صح به الحديث عند الحاكم وغيره عن مالك بن مرارة يا رسول الله قد قسم لي من الجمال ما ترى فما أحب أحداً من النّاس فضلني بشراكين فما فوقهما أليس ذلك هو البغي فقال: لا ليس ذلك بالبغي ولكن البغي من بطر -أو قال سفه- الحق، ومن كمال الإيمان تمني مثل الفضائل الأخروية التي فاقه فيها غيره كما دلت عليه الأحاديث الشهيرة وأما قوله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} فهو نهي عن الحسد عن تمني انتقال نعمة الغير إليه وما جاء عن الفضيل مما يقتضي أن الأكمل محبة أن تكون النّاس فوقه إنما هو من جهة أن هذا هو الأكمل في الدرجات للنصيحة وإلا فالمأمور به شرعاً إنما هو محبة أن يكونوا مثله ومع هذا فإذا فاقه أحد في فضيلة دينية اجتهد في لحاقه وحزن على تقصيره لا حسداً بل منافسة وغبطة ليزداد بذلك الاجتهاد في طلب الفضائل والازدياد منها والنظر لنفسه بعين النقص وينشأ من هذا أن يحب للمؤمنين أن يكونوا خيراً منه فإنه لا يرضى لهم أن يكونوا على مثل حاله. قوله: (إن الله تعالى طيب) أي طاهر منزه عن النقائص وكل وصف خلا عن الكمال المطلق أو طيب الثناء أو مستلذ الأسماء عند العارفين بها وعلى كل حال فهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015