رويناه في "صحيحيهما".

الرابع: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: حدَّثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق:

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الحلال بنوره ويصلحه وأكل الشبهة والحرام يصدئه ويقسيه ويظلمه وقد وجد ذلك أهل الورع حتى قال بعضهم شربت من ركوة جندي شربة فعادت قسوتها على قلبي أربعين صباحاً، ثم القلب لغة مشترك بين كوكب معروف والخالص واللب ومنه قلب النخلة بتثليث أوله ومصدر قلبت الشيء رددته على بدئه والإناء قلبته على وجهه والرجل عن رأيه صرفته عنه ثم نقل وسمي به تلك المضغة السابقة لسرعة الخواطر فيه وترددها عليه كما قيل:

وما سمي الإنسان إلا لنسيه ... ولا القلب إلا أنه يتقلب

وفي الحديث إن القلب كريشة بأرض فلاة تقلبها الرياح لكنهم التزموا فتح قافه فرقاً بينه وبين أصله ومن ثم قيل ينبغي للعاقل أن يحذر من سرعة انقلاب قلبه فإنه ليس بين القلب والقلب إلا التفخيم. قوله: (رويناه في صحيحيهما) قال في مسند الفردوس بعد أن أورده بهذا اللفظ إلا أنه لم يذكر "إن" في أوله: رواه البخاري في الإيمان ومسلم في البيوع ورواه الإِمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو يعلى الموصلي وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الشريعة وقد تقدم قول أبي داود كتبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمسمائة ألف حديث الخ وجعل غيره بدل حديث لا يؤمن أحدكم الخ حديث أزهد في الدنيا الخ وقال بعضهم هذا الذي قاله هؤلاء الأئمة حسن غير أنهم لو أمعنوا النظر في هذا الحديث كله من أوله إلى آخره لوجدوه متضمناً لعلوم الشريعة كلها ظاهرها وباطنها وإن أردت الوقوف على ذلك فأعد النظر فيما عقدنا من الجمل في الحلال والحرام والمتشابه وما يصلح القلب وما يفسده وتعلق أعمال الجوارح به والورع الذي هو أساس الخير ومنبع سائر الكمالات وحينئذٍ يستلزم ذلك الحديث معرفة تفاصيل أحكام الشريعة كلها أصولها وفروعها والله الموفق. قوله: (وهو الصادق المصدوق) الصادق أي في جميع ما يقوله إذ هو الحق الصدق المطابق للواقع المصدوق فيما يوحى إليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015