وفي رواية أخرى في "صحيح مسلم" عن أبي الدرداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: "دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِم لأخِيهِ بظَهْرِ الغَيب مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رأسه مَلَك مُوَكَّلٌ، كُلَّما دَعا لأخِيهِ بِخَيرٍ، قالَ المَلَكُ الموَكَّلُ بِهِ. آمين ولَكَ بِمِثْلٍ".
وروينا في كتابي أبي داود والترمذي عن ابن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أسْرَعُ الدُّعاءِ إجابَةً دَعْوَةُ غائِب لِغائِبٍ" ضعَّفه الترمذي.
هذا الباب فيه أشياء كثيرة تقدَّمت في مواضعها.
ومن أحسنها ما روينا في الترمذي عن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من لسانه ويده الذي يحب للناس ما يحب لنفسه لأن هذا هو الذي تحمله شفقته وحاله على أخيه المسلم أن يدعو له بظهر الغيب أي في حال غيبته عنه وإنما خص حالة الغيبة بالذكر لبعدها من الرياء والأغراض المفسدة أو المنقصة فإنه في حال الغيبة يتمحض الإخلاص ويصح قصد وجه الله تعالى بذلك فيوافقه الملك في الدعاء ويبشره
على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- بأن له مثل ما دعا به لأخيه، والأخوة هنا هي الأخوة الدينية وقد يكون معها صداقة ومعرفة وقد لا وقد لا تتعين فإن الإنسان إذا دعا لإخوانه المسلمين حيث كانوا وصدق الله في دعائه وأخلص فيه في حال الغيبة عنهم أو عن بعضهم قال الملك له ذلك القول بأن يكون ثوابه أعظم لأنه دعا بالخير وقصده للإسلام ولكل المسلمين والله أعلم اهـ. قوله: (وفي رواية أخرى) هي كالتفسير لما قبلها. قوله: (وروينا في كتابي أبي داود والترمذي) ورواه البخاري في الأدب المفرد والطبراني في المعجم الكبير كلهم من حديث أبي هريرة كما في الجامع الصغير. قوله: (أسرع الدعاء إجابة الخ) إنما كان كذلك جزاء لإخلاص الدعاء وابتغائه بدعائه وجه ربه.
باب استحباب الدعاء لمن أحسن إليه وصفة دعائه
قوله: (ومن أحسنها ما رويناه في الترمذي الخ) تقدم الكلام على تخريجه