روينا في سنن أبي داود عن ابن مسعود رضي الله عنه: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه أن يدعوَ ثلاثاً، ويستغفر ثلاثاً".
اعلم أن مقصود الدعاء هو حضور القلب كما سبق بيانه، والدلائل عليه أكثر من أن تُحصر، والعلم به أوضح من أن يذكر، لكن نتبرَّك بذكر حديث فيه.
روينا في كتاب الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ادْعُوا الله وأنْتُم مُوقِنُون بالإجابَةِ، واعْلَمُوا أنَّ الله تعالى لا يَسْتَجِيبُ دُعاءَ مِنْ قَلْبٍ غافِلٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تفرد به وهو قليل الحديث وقد حدث عنه النّاس وحنظلة بن أبي سفيان الجمحي وثقه يحيى بن سعيد القطان ورأيت في غير ما نسخة حسن صحيح غريب إلى آخر كلامه المتقدم اهـ.
باب استحباب تكرير الدعاء
أي ذكر دليل ذلك. قوله: (وينافي سنن أبي داود) وكذا رواه الإِمام أحمد كما في الجامع الصغير وأخرج مسلم عن ابن مسعود أيضاً وكان إذا دعا دعا ثلاثاً وإذا سأل سأل ثلاثاً وأصل الحديث عند البخاري وغيره.
باب الحث على حضور القلب
أي مع الله تعالى (في) حال (الدعاء). قوله: (اعلم أن مقصود الدعاء هو حضور القلب) ولذا قالوا ينبغي أن يكون مراد الداعي بدعائه حضوره مع مولاه وافتقاره وتضرعه إليه لا حضور مشتهى نفسه من الأعراض والأغراض. قوله: (روينا في كتاب الترمذي) وكذا رواه الحاكم في المستدرك. قوله: (وأنتم موقنون بالإجابة) أي والحال أنكم موقنون بها أي معتقدون لوقوعها لصدق رجائكم الباعث على الطلب بجد وصدق الدال على الإخلاص فيه وعلى توفر شروطه وآدابه وذلك يغلب معه وقوعها لأن عدمها إنما ينشأ عن فساد الداعي كما أفاده قوله (واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل)