منه تنقُّصه، فكل ذلك غِيبة محرَّمة، وكذلك إذا قال: فلان يبتلى بما ابتُلينا به كلُّنا، أو ما له حيلة في هذا، كلنا نفعله، وهذه أمثلة، وإلا
فضابط الغيبة: تفهيمك المخاطب نفص إنسان كما سبق، وكلُّ هذا معلوم من مقتضى الحديث الذي ذكرناه في الباب الذي قبل هذا عن "صحيح مسلم" وغيره في حد الغيبة، والله أعلم.
فصل: اعلم أن الغيبة كما يحرم على المغتاب ذِكرُها، يحرم على السامع استماعها وإقرارها، فيجب على من سمع إنساناً يبتدئ بغيبة محرَّمة أن ينهاه إن لم يخف ضرراً ظاهراً، فإن خافه وجب عليه الإنكار بقلبه ومفارقة ذلك المجلس إن تمكَّن من مفارقته، فإن قدَر على الإنكار بلسانه، أو على قطع الغيبة بكلام آخر، لزمه ذلك، إن لم يفعل عصى، فإن قال بلسانه: اسكت وهو يشتهي بقلبه استمراره، فقال أبو حامد الغزالي: ذلك نفاق لا يخرِجه عن الإثم، ولا بدَّ من كراهته بقلبه، ومتى اضطر إلى المقام في ذلك المجلس الذي فيه الغيبة، وعجز عن الإنكار، أو أنكر فلم يقبل منه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (في حد الغيبة) وفي نسخة في حديث الغيبة أي الذي فيه حدها.
فصل
قوله: (يحرم على السامع استماعها) جعله في الزواجر من إفرادها حيث قال: أخبث أنواع الغيبة: الإصغاء للمغتاب على جهة التعجب ليزداد نشاطه واسترساله في الغيبة وما درى الجاهل أن التصديق بالغيبة غيبة بل الساكت عليها شريك المغتاب كما في خبر المستمع أحد المغتابين فلا يخرج عن الشركة إلا أن أنكر ولو بأن يخوض في كلام آخر فإن عجز فبقلبه اهـ، وكأنه أدخله تحت الذكر وأراد به ما يشمل الذكر بالقوة فإنه لما تسبب لها بإصغائه صار كأنه قالها. قوله: (أو قطع الغيبة بكلام آخر)