وروينا في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما عن أبي سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تأول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] فسرها وكان تفسيره لها أن قال: نعم ليس من قوم عمل فيهم بمنكر وسن فيهم بقبيح فلم يغيروه أو لم ينكروه إلا وحق على الله أن يعمهم بالعقوبة جميعاً ثم لا يستجاب لهم ثم أدخل إصبعيه في أذنيه فقال: إلا أكن سمعتها من الحبيب فصمتا قال الواحدي بعد تخريجه ولابن مسعود رضي الله عنه طريق أخرى في هذه الآية وأخرج عنه أنه قال: لم يجيء تأويل هذه الآية بعد إذ القرآن حين نزل كان منه أي مضى تأويلها قبل أن ينزل ومنه أي وقع تأويلها على عهده -صلى الله عليه وسلم- ومنه أي وقع تأويلها بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسنين ومنه أي يقع تأويلها عند الساعة فما دامت قلوبكم واحدة ولم تلبسوا شيعاً ولم يذق بعضكم بأس بعض فمروا وانهوا فإذا اختلفت القلوب والأهواء وألبستم شيعاً وذاق بعضكم بأس بعض فليأمر كل امرئ نفسه قال الواحدي: يدل على صحة ما ذهب إليه ابن مسعود في تأويل هذه الآية حديث أبي ثعلبة الخشني قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنها فقال: "نعم بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً وديناً مؤثراً وإعجاب كل ذي رأى برأيه ورأيت الأمر لا يدان لك فعليك نفسك ودع أمر العوام" الحديث اهـ، بتلخيص.
قوله: (وروينا في سنن أبي داود والترمذي الخ) قال السخاوي في المقاصد الحسنة: أخرجه أبو داود في الملاحم من حديث أبي سعيد مرفوعاً وزاد في آخره أو أمير جائر رواه الترمذي في الفتن من جامعه بلفظ إن من أعظم الجهاد وذكره بدون أو أمير جائر وقال: إنه حسن غريب وهو عند ابن ماجه في الفتن أيضاً بلفظ أبي داود أفضل الجهاد كلمة عدل الخ ولم يذكر فيه أو أمير جائر وأخرجه ابن ماجه أيضاً من حديث أبي أمامة قال: عرض لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجل عند الجمرة الأولى فقال: يا رسول الله أي الجهاد أفضل؟ فسكت عنه فلما رمى الجمرة الثانية سأله فسكت عنه فلما رمى جمرة العقبة ووضع رجله في