وروينا في "صحيح مسلم" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَنْ رَأى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على عدم الإنكار كان ذلك تحريضاً على فعلها وسبباً مثيراً لإفشائها كثيراً اهـ.
قوله: (وروينا في صحيح مسلم الخ) ورواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة كما في الجامع الصغير. قوله: (عن أبي سعيد الخ) قال: حين لم يلتفت مروان بن الحكم لرجل أنكر عليه لما عزم على تقديم خطبة العيد على صلاته: أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخ. قوله: (من رأى منكم) خطاب لكل من يتأتى توجيه الخطاب إليه كما في ولو ترى إذ وقفوا على النار ورأى يجوز أن يكون من رؤية البصر فليس عليه إنكار ما علمه ولم يره أو من رؤية البصيرة فهو أعم مما أبصره أو علمه لتناوله إياهما. وقوله: (فليغيره) أي يزله ويبدله بغيره وهو المعروف إذ لا واسطة بينهما إذ المعروف كما تقدم ما عرفه الشرع من واجب أو مندوب أو مباح والمنكر ما أنكره الشرع وأباه فيجب تغييره إن كان حراماً دفعاً لمفسدة المنكر ويكون التعبير بالمعروف لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من أمر بمعروف فليكن أمره فيه بمعروف" ثم ظاهر الأمر بتغييره يقتضي وجوبه مطلقاً قدر أو لم يقدر والتحقيق وجوبه مع القدرة عليه وإلا منّ على نفسه ولم تعارض مصلحة الإنكار مفسدة راجحة أو مساوية وإلا فهو معذور والمكلف به غيره وظاهره أيضاً أنه لا يتوقف على إذن الإِمام أو نائبه وسبق أول الباب عن إمام الحرمين نقل إجماع المسلمين عليه نعم خص من ذلك من خاف من ترك إذنه مفسدة بانحرافه عليه بأنه افتيات عليه فيجب استئذانه في تغييره دفعاً للمفسدة وخص عمومه في الأشخاص بغير المكلف كالصبي والمجنون إذ لا قدرة على تغييره بخلاف المكلف القادر عليه والتغيير باليد لمن قدر عليه أبلغ في إزالة المنكر كإراقة الخمر وتفكيك آلة اللهو. قوله: (فبلسانه) أي
فليغيره بلسانه