لعِظَم موقعه، وشدة الاهتمام به، وكثرة تساهل أكثر النّاس فيه، ولا يمكن استقصاء ما فيه هنا، لكن لا نخل بشيء
من أصوله، وقد صنف العلماء فيه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وترك توبيخهم على التشاغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نعم شرط الآمر والناهي أن يكون عالماً بما يأمر به وينهى عنه فكل أحد أهل للأمر بالواجبات الظاهرة كالصلاة والصوم والنهي عن المنكرات كذلك كشرب الخمر والزنى إذ جميع المسلمين علماء بذلك أما دقائق الأفعال والأقوال وما يتعلق بالاجتهاد فلا مدخل فيه للعوام وليس لهم إنكاره بل ذلك للعلماء ثم الإنكار إنما يكون فيما أجمع عليه أما المختلف فيه فلا إنكار إلا إن كان الفاعل يعتقد تحريمه أو أراد المنكر النصيحة إلى الخروج عن الخلاف كما أشار إليه المصنف في شرح مسلم اهـ، ملخصاً منه. قوله: (ولعظم موقعه) إذ به يحصل انتظام أمر الدارين. قوله: (وشدة الاهتمام به) أي شرعاً لعظم ثمرته. قوله: (ولكثرة تساهل النّاس فيه) أتى باللام في المعطوفات إشارة إلى أن كل واحد منها علة للاهتمام بهذا الباب وإنه أهم أو من أهم الأبواب، قال المصنف في شرح مسلم: واعلم أن هذا الباب أي باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضيع أكثره من أزمان متطاولة ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جداً وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله بعقابه فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم وينبغي للمعتني بالآخرة أن يعتني بهذا الباب فإن نفعه عظيم لا سيما وقد ذهب معظمه ويخلص نيته ولا يهابن من ينكر عليه لارتفاع منزلته فإن الله تعالى قال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} ولا يتاركه أيضاً لصداقته ومحبته وطلب الجاه عنده ودوام المنزلة لديه فإن صداقته توجب له حقاً ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته وينقذه من مضاره وصديق الإنسان من يفعل به ذلك اهـ. قوله: (ولا يمكن استقصاء ما فيه) أي لا يمكن في هذا الكتاب استقصاء أي طلب أقصى ما فيه من النصوص الطالبة له ومن حسن ثمراته. قوله: (لكن لا
يخل بشيء من أصوله) إذ ما لا يدرك كله لا يترك كله وقليل الخير كثير قال الشاعر: