طرق كثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَوْ أنَّ أحَدَكُمْ إذَا أتى أهْلَهُ قالَ: بسْمِ الله، اللَّهُمَّ جَنِّبْنا الشَّيطانَ وَجَنِّبِ الشَّيطانَ ما رَزَقْتَنا فَقُضِيَ بَيْنَهُما وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
معتمر وسالم وكريب اهـ. وهذا من لطائف السند عندهم وقال العراقي: هذا الحديث من أفراد ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يروه عن ابن عباس إلا كريب ولم يروه عن كريب إلا سالم قال البزار: لا نعلم روى هذا اللام عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا من هذا الوجه اهـ. قوله: (لو أن أحدهم) مرجع الضمير فيه يفسره سياق الكلام كقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ} وهو كثير ولفظ لو فيه شرطية وجوابها محذوف تقديره لم يضره الشيطان كما جاء مصرحاً به في رواية للبخاري والدليل على هذا الجواب هنا قوله فإنه أن يقدر بينهما ولد الخ. قوله: (جنبنا) بكسر النون الأولى المشددة وكون الموحدة أي بعدنا الشيطان أو جنبنا كيده فحذف المضاف واقيم المضاف إليه مقامه. قوله: (ما رزقتنا) المراد به الولد أي بفرض حصوله وإن كان اللفظ أعم ففيه أن الولد من الرزق. قوله: (فإنه أن يقدر بينهما ولد) أي خلق ولد وعلوقه. قوله: (لم يضره) أي بضم الراء وفتحها كما في تحفة القاري أي الشيطان قال المصنف قال القاضي المراد أنه لا يضره أي لا يصرعه الشيطان وقيل: لا يطعن فيه عند ولادته بخلاف غيره قال: ولم يحمله أحد على العموم في جميع الضرر والوسوسة والأغواء اهـ. قال ابن النحوي في شرح البخاري اختلف في الضرر المدفوع فقيل إنه الطعن الذي يطعن المولود الذي عصم منه عيسى عليه السلام وطعن أم مريم في الحجاب لما استعاذت منه وقيل: هو ألا يصرع ذلك المولود الذي يذكر اسم الله عليه ويستعاذ من الشيطان عند جماع أمه وكلا الوجهين جائز والله أعلم بالواجب منهما ولا يجوز أن يكون الضرر الذي يكفاه من الشيطان كل ما يجوز أن يكون من الشيطان فلو عصم أحد من ضرره لعصم منه الشارع وقد تعرض له في الصلاة والقراءة اهـ. وتعقبه بعضهم بأنه لا ينبغي أن يكون المدفوع هو المدفوع عن عيسى لأنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "كل مولود يولد يطعن الشيطان في خاصرته فيستهل صارخًا من الشيطان إلا مريم وابنها لقوله أم مريم: "وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم فليس لأحد بعد هذا أن يطمع في مساواة عيسى وأمه"، فإن قلت إنما اندفع ضرره عنهما