قال: "إنّ الله تعالى يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيكْرَهُ التَّثاوبَ، فإذا عَطَسَ أحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللهَ تعالى، كان حَقّاً على كُل مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أنْ يَقُولَ لهُ: يَرْحَمُكَ الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وفي رواية للحاكم والبيهقي عن أبي هريرة إذا عطس أحدكم فليضع كفيه على وجهه وليخفض صوته اهـ. قوله: (يحب العطاس) بضم العين مصدر عطس كنصر ينصر وضرب يضرب وفي المصباح عطس عطساً من باب ضرب وفي لغة من باب قتل اهـ. وفي بعض نسخ الحصن أنه من باب علم وفي الحرز أنه تحريف الكتاب ومحبة العطاس لأنه سبب خفة الدماغ وصفاء القوى الإدراكية فيحمل صاحبه على الطاعة. قوله: (ويكره التثاؤب) وكراهته لأنه يمنع صاحبه من النشاط في الطاعة وفيه الغفلة ولذا يفرح به الشيطان أي يكره ما يدعو إلى التثاؤب فإنه إنما يتولد من كثرة الأكل والشرب وفي ذلك استرخاء للبدن والتكسل عن الطاعة وإلا فكلا الأمرين العطاس والتثاؤب ليسا في قدرة الإنسان ولكن لما كان الأول ينشأ حيث لا عارض من نحو زكام عن خفة الجسم لقلة الاختلاط وخفة الغذاء وهو مما يندب إليه كان محبوباً ولما كان الثاني ينشأ عن ضده كان مكروهاً وهذا حاصل قول المصنف الآتي قال العلماء معناه أن العطاس سببه محمود والتثاؤب بضده. قوله: (كان حقاً على كل مسلم سمعه الخ) المراد من الحق فيه الندب المتأكد لا الوجوب كحديث غسل الجمعة حق على كل محتلم أي متأكد والصارف له عن الوجوب الذي قيل به أخذا بظاهر الخبر وما في معناه ما قام عنده مما يعارضه وقيل إنه فرض عين وقيل فرض كفاية ولا يخالف قوله في الخبر على كل مسلم ما قرروه من أن التشميت سنة كفاية لأن المخاطب بسنة الكفاية كفرضها الجميع ويسقط الطلب بفعل البعض ثم لما كان العطاس محموداً لما ذكرنا طلب الحمد على التوفيق لسببه فإذا أتى به العاطس طلب لمن سمعه أن يقول: يرحمك الله فإن كان السامع واحداً كان سنة عين وإلا فسنة كفاية أما من لم يسمعه فلا يتوجه عليه الأمر وفي شرح السنة ينبغي أن يرفع صوته بالتحميد حتى يسمع من عنده ويستحق التشميت اهـ. ويستحب للعاطس أن يجيب من شمته بنحو يهديك الله ويصلح بالك أو يغفر الله لك وسيأتي لهذا مزيد بيان أواخر الباب (قال ابن دقيق العيد: من فوائد التشميت) تحصيل المودة والتآلف