قالا: الجوع يا رسول الله، قال: "وأنا والَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لأخْرَجَنِيَ الذي

أخرَجَكُما، قوموا"، فقاموا معه، فأتى رجلًا من الأنصار فإذا ليس هو في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحبًا وأهلًا، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيْنَ فُلانٌ؟ " قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاريّ فنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وأو فيه للشك من الراوي. قوله: (قالا الجوع)

أي الذي أخرجنا الجوع أو أخرجنا الجوع فجملة الجواب اسمية أو فعلية وفيه أن التماس الرزق وتعاطي الأسباب غير قادح في التوكل فإنهما من رؤوس المتوكلين فالتوكل بالقلب وتعاطي الأسباب امتثالًا للأمر بالقالب. قوله: (قال: وأنا الذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما) قال الفاسي في تاريخه العقد الثمين نقلًا عن خط جده محمد بن محمد بن عبد الرحمن الفاسي قوله الذي أخرجكما الذي لفظ مبهم ظاهره الجوع والمراد والله أعلم الله سبحانه إذ هو أخرجه حقيقة فعبر بلفظ الذي الصادق على السبب والمسبب فشاركهم في ظاهر الحال دفعًا للوحشة الواقعة في ذكر الجوع، قال الفاسي: وهذا من معالي الأخلاق وكريم الشيم وهو في معنى قوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. قوله: (فأتوا رجلًا من الأنصار) تقدم أنه جاء في حديث الترمذي وغيره مجيئه - صلى الله عليه وسلم - ومن معه إلى حائط أبي الهيثم بن التيهان، وجاء في الطبراني أنه ذهب بمن معه إلى حائط أبي أيوب الأنصاري فرجل في هذا الحديث محتمل لهما قلت ولغيرهما، وفيما ما ذكر منقبة عظيمة لكل من أمله - صلى الله عليه وسلم - لذلك، وفيه أنه لا بأس بالإدلال على الصاحب الموثوق به والمعلوم منه الرضا والفرح بذلك. قوله: (فلما رأته المرأة قالت: مرحبًا وأهلًا) أي صادفت رحبًا أي مكانًا واسعًا فأنزل وأهلًا فأنس بالنزول فيهم، وفي الحديث جواز سماع كلام الأجنبية مع أمن الفتنة وإن وقعت فيه مراجعة. قوله: (يستعذب لنا من الماء) أي يستقي لنا ماء عذبًا من بئر يقال: استعذب الماء استقى عذبًا كذا في الصحاح، وبه يعلم الفرق بين استعذب لنا الماء واستعذبه من غير لنا وفيه جواز استعذاب الماء وتطييبه وأن ذلك لا ينافي الزهد ومن ثم نقل عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015