"الصَّيامُ جُنَّةً، فإذَا صَامَ أحَدُكُمْ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ، وَإنِ امْرُؤٌ قاتَلَهُ أو شاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إني صَائِم، إني صَائِم، مَرتَينِ".
قلت: قيل: إنه يقول بلسانه، ويُسمِع الذي شاتَمه لعله ينزجر،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أخرى بلفظ اني صائم من غير تكرار وكذا وقع في حديث ابن مسعود أخرجه الطبراني بسند
صحيح. قوله: (الصَّيامُ جنَّةٌ) بضم الجيم وتشديد النون أي وقاية كالجنة التي هي الترس في الدنيا عن المعاصي لأنه يكسر النفس ويطهرها من شهواتها وخيانتها الحاملة لها على الاسترسال في المخالفات والإعراض عن المنهيات وفي الآخرة يدفع كل مؤلم ومؤفي عنها من حر النار والزحام وإلجام العرق وغير ذلك مما تقاسيه النّاس في ذلك اليوم الذي يكون على الأكثر كخمسين ألف سنة. قوله: (فَلَا يرْفُثْ وَلَا يَجهَلْ) كذا فيما وقفت عليه من النسخ وفيه حذف وهو كما في الصحيحين "فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل" ولم ينبه على هذا الحافظ ولعله على الصواب فيما وقف عليه من الأصول، ثم رأيت ملحقًا في أصل مصحح قوله "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث" الخ، والإلحاق بخط الحافظ تقي الدين بن فهد، ويرفث بضم الفاء وكسرها مضارع رفث بفتح الفاء ويقال رفث بكسر الفاء يرفث بفتحهما رفثًا بإسكان الفاء في المصدر ورفثا بفتحها في الاسم كذا في شرح مسلم للمصنف ونقل عن المجد الفيروزبازي أنه قال يرفث بضم الفاء وكسرها أما الفتح فلا وقال السيوطي في التوشيح أن فاءه مثلثة في الماضي والمضارع والأفصح الفتح في الماضي والضم في المضارع قال المصنف في شرح مسلم ويقال أرفث رباعي حكاه القاضي والرفث هو السخف وفاحش الكلام. قوله: (ولا يَجهَلْ) قال المصنف الجهل قريب من الرفث وهو خلاف الحكمة وخلاف الصواب من القول والفعل. قوله: (قيلَ إنَّه يقولُ بلِسَانهِ) قال الزركشي في الخادم تبويب الشافعي في الأم يدل عليه وحكى القاضي أبو الطيب القول في النفس عن بعض النّاس وقال ليس بشيء لقوله فليقل ولم يقل فليتذكر وما يذكره في نفسه