قال الشافعي رحمه الله في كتاب "الأم": وأستحبُّ قراءتها في ليلة الجمعة.
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: "فيهِ ساعَةٌ لا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يصلِّي يَسْألُ اللهَ تَعَالى شَيئا إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ"، وأشار بيده يقلِّلها.
قلت: اختلف العلماء من السلف والخلف في هذه الساعة، على أقوال كثيرة منتشرة غاية
الانتشار، وقد جمعتُ الأقوال المذكورة فيها كلَّها في "شرح المهذب" وبينتُ قائلها، وأن كثيرًا من الصحابة على أنها بعد العصر. والمراد بقائم يصلي: من ينتظر الصلاة، فإنه في صلاة.
وأصحُّ ما جاء فيها: ما رويناه في "صحيح مسلم" عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "هيَ ما بَينَ أنْ يَجْلِسَ الإِمام إلى أن تُقْضَى الصَّلاةُ" يعني يجلس على المنبر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أضاء له من النور ما بين الجمعتين. قوله: (واستُحِبَّ قرَاءَتهَا أَيضًا في لَيْلةِ الجُمعةِ) أي لخبر الدرامي عن أبي سعيد موقوفًا عليه من قرأها ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق والأفضل قراءتها في أول الليل لما سبق في نظيره من النهار وحكمة قراءتها فيها اشتمالها على ذكر القيامة وأهوالها ومقدماتها وهي تقوم يوم الجمعة كما في صحيح مسلم ولشبهها بها في اجتماع الخلق فيها.
قوله: (وَرَوَينَا في صَحيحي الْبُخَارِيِّ الخ) وأخرجه أحمد والنسائي وأبو عوانة وسقط في رواية
بعضهم قوله وهو قائم وأشار إليه الحافظ. قوله: (وقَدْ جَمعْتُ الأَقْوال فيهَا في شَرْحِ المهذَّبِ) الذي ذكره فيه أحد عشر قولًا وقد تتبعها جماعة بعده فزادت أضعافا وانتهت إلى أكثر من الأربعين قولًا كليلة القدر في العدد والاختلاف هل تختص بوقت معين أو تنتقل وقد نقلناها في باب ما يقال صبيحة الجمعة. قوله: (وأَصَحُّ مَا جاءَ فيهَا الخ) تقدم تخريجه فيما يقال صبيحة الجمعة وذكر الشيخ هناك أنه الصواب وكذا قال في الروض أنه لا يجوز غيره وهو خلاف أول الكلام حين قال يستحق أن يكثر الدعاء يومها رجاء ساعة الإجابة ولعله رجع عن هذا التعيين اختيارًا والله أعلم اهـ.