ويستحبُّ الإكثار من الزيارة، وأن يكثر الوقوف عند قبور أهل الخير والفضل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وسبق الكلام عليه في باب أذكار الصلاة على الميت وفي أحاديث الباب دليل على استحباب زيارة القبور والسلام على أهلها والدعاء لهم والترحم عليهم قال العلماء وزيارة القبور من أعظم الدواء للقلب القاسي لأنها تذكره الموت والدار الآخرة وذلك يحمل على قصر الأمل والزهد في الدنيا وترك الرغبة فيها ولا شيء أنفع للقلوب القاسية من زيارة القبور أي المصحوبة بالتفكر في ذلك والاعتبار بمن سلك من الأهل والإقران في تلك وكيف انقطع عنهم الأهل والأحباب وذهبت آمالهم ولم تنفعهم أموالهم فمن تأمل ذلك كان سببًا لإقباله على مولاه ورقة قلبه وخشوعه. قوله: (ويُسْتحبُّ الإكثَارُ منَ الزيارَةِ) قال الدميري في الديباجة قال العلماء ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات ويواظب على مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين فهذه ثلاثة أمور تنبغي لمن قسي قلبه أن يستعين بها على دوائه فإن النفع بالإكثار من ذلك ولأن قلبه بذاك شاهد المحتضرين والأموات وزار القبور فليس الخبر كالمعاينة وينبغي لزائر القبور أن يتأدب بآداب الزيارة فيدنو من القبر بقدر ما كان يدنو منه لو كان حيًّا وزاره واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يسن للرجل زيارة القبور وهو قول العلماء كافة لا يختلفون في ذلك وكانت زيارتها منهيًا عنها أولًا ثم نسخ بحديث بريدة كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها ولا تقولوا هجرًا والهجر الكلام الباطل فلما استقرت قواعد الإسلام وتمهدت قواعد الأحكام أبيح لهم الزيارة واحتاط - صلى الله عليه وسلم - بقوله ولا تقولوا هجرًا اهـ، ويوجد في بعض الأصول إلحاق زيادة في هذا الباب متعلقة بباب الزائر والمقصود من الزيارة للميت النفع أي بقراءة القرآن والدعاء له وللحي بالتدبر والاعتبار بحال من مضي من الأموات وأنه سيلحق بهم عن قريب.