وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي روي أن عبد الملك كتب إلى سعيد بن جبير في مسائل فقال في جوابها: وتسأل عن الذكر فالذكر طاعة الله فمن أطاع الله فقد ذكر الله ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن وتسأل عن قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] فإن ذلك إن الله تعالى يقول "اذكروني بطاعتكم أذكركم بمغفرتي" ويشهد لصحة هذا حديث خالد بن عمران قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن" اهـ، وبمعناه حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه" وسئل الحافظ ابن حجر عن معنى هذا الخير فأجاب معنى الخير في الحديث تفضيل الجمع الذي يذكر الله سبحانه وتعالى عبده فيهم على الجمع الذي يذكر العبد ربه فيه أي جمع كان ولا حجة فيه لمن فضل الملائكة على الأنبياء لأنه ليس المراد والله أعلم تفضيل الملأ والمذكور على الملأ والذاكر وحينئذ فالأفضلية للمجموع على المجموع وبهذا يزول الإشكال ولا يلزم منه ما تخيله المستدل به على تفضيل غير الأنبياء. قوله: (وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات: 56] أي معدين ليعبدون وكأن الآية تعديد نعمه أي خلقت لهم حواس وعقولاً وأجساماً منقادة نحو العبادة كما يقال هذا مخلوق لكذا وإن لم يصدر منه الذي خلق له كذا في النهر لأبي حيان وفي الكشاف إن قلت لو كان الله تعالى مريداً للعبادة لكانوا كلهم عبيداً قلت إنما أراد منهم أن يعبدوا مختارين للعبادة لا مضطرين إليها اهـ. قال ابن بنت المياق وهذه عادته