كُل شَيطانٍ وهامّة، وَمِنْ كُل عَينٍ لامّةٍ، ويقول: إن أباكُما كانَ يُعَوِّذُ بِهَا إسماعِيلَ وإسْحاقَ صلى الله عليهم أجمعين وسلم".
قلت: قال العلماء: الهامّة بتشديد الميم:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عن المعنى الذي يراد وأعظم النقائص التي هي مقترنة بها أنها كلمات مخلوقة تكلم بها مخلوق مفتقرة إلى الأدوات والمخارج وهذه نقيصة لا ينفك عنها كلام مخلوق وكلمات الله تعالى متعالية عن هذه القوادح فهي لا يلحقها نقص ولا يعتريها اختلال واحتج الإمام أحمد بها على القائلين بخلق القرآن فقال لو كانت كلمات الله مخلوقة لم يعذبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لا تجوز الاستعاذة بمخلوق واحتج أيضًا بقوله التامة فقال ما من مخلوق إلَّا وفيه نقص وقيل المراد بكلماته معلوماته وأقضيته النافذة وشؤونه الكاملة ووصفها بالتامة لتنزيهها عن كل سمت من سمات النقص لأنها إنما تقع على قوانين الحكمة والإتقان الناشئة عن مظهر الإرادة والقدرة الباهرة على كل ممكن فلا يعتريها نقص ولا يطرقها اختلاف وخلف. قوله: (كل شيْطَانٍ) أي جني أو إنسي. قوله: (وَهَامَةٍ) هي بتشديد الميم كل دابة ذات سم يقتل والجمع الهوام وأما ما له سم ولا يقتل كالعقرب والزنبور فهو السامة وقد تطلق الهامة على كل ما يدب على الأرض مطلقًا كالحشرات ومنه أيؤذيك هوام رأسك ذكره الطيبي عن النهاية. قوله: (وَمِنْ كل عينٍ لامّةٍ) بتشديد الميم أيضًا أي جامعة للشر على المعيون من لمه إذا جمعه أو يكون بمعنى ملمة أي منزلة قال الطيبي قال في الصحاح العين اللامة هي التي تصيب بسوء واللمم طرف من المجنون ولامة أي ذات لمم وأصلها من ألممت بالشيء إذا نزلت به وقيل لامة لازدواج هامة
والأصل ملممة لأنها فاعل الممت اهـ، وفي القاموس الملم الشديد من كل شيء وألم باشر اللمم وبه نزل كلم والتم، والعين اللامة المصيبة بسوء وهي كل ما يخاف من فزع وشر واللمة الشدة اهـ، وفي المرقاة شرح المشكاة قيل وجه إصابة العين إن الناظر إذا نظر إلى شيء واستحسنه ولم يرجع إلى الله وإلى رؤية صنعه قد يحدث الله في المنظور عليه علة بجناية نظره على غفلة ابتلاء لعباده ليقول الحق إنه من عند الله وغيره من غير اهـ. قوله: (إِن أَباكما) أراد به الجد الأعلى وهو إبراهيم - عليه السلام - وفي قوله كان يعوذ بها الخ. إشارة إلى أن الحسن والحسين رضي الله عنهما منبع ذريته - صلى الله عليه وسلم - كما أن إسماعيل وإسحاق معدن ذرية إبراهيم وقد تكلمت على ما يتعلق بسيدنا إسماعيل من الفضائل وما في