في دِيني ومَعاشي وعاقِبَةِ أمرِي -أو قال: عاجِلِ أمري وآجِلِهِ- فاصرِفْهُ عني أو اصرفني عنه، واقْدُرْ ليَ الخيرَ حَيثُ كانَ ثم رَضِّني بهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيه إيهام لأنه لا يطلب صرفه إلَّا أن كانت جميع أحواله لا بعضها شرًّا وليس مرادًا كما هو واضح اهـ، وتعقبه بعض المتأخرين بقوله لا شك أن العاقل يطلب حصول ما فيه الخيرية من جميع الوجوه المذكورة صرف ما فيه الشرارة من جميعها أيضًا فطلب حصول الأول وصرف الثاني صريح عبارة الحديث وبقي ما فيه الخيرية من وجه والشرارة من وجه فالظاهر أن الحكم للغالب منهما فإن استهلك الشر بالنسبة لما فيه من الخبر والنفع فواضح أن الفعل يطلب حصوله وكذلك أن استهلك الخير بالنسبة لما فيه من الشر فالظاهر أنه يطلب صرفه وكذلك إذا تعارض الخير والشر فالاعتناء بجانب الدفع أكثر فهو مطلوب الصرف ولعله أشار إلى هذه الصورة
إجمالًا بقوله واقدر لي الخير حيث كان ويؤيد هذا الاحتمال قوله ثم أرضني به وذلك أنه لما كان في المطلوب شرارة من وجه كان مظنة ألا تطمئن إليه النفس وترضى به فظهر أن قوله أو المطلوب صرفه يكفي فيه أن يكون بعضه شرًّا في حيز المنع وعلى ما ذكرنا فالواو على معناها في الموضعين وليس بمعنى أو اهـ. قوله: (فاصرفه عني) زاد في بعض روايات البخاري واصرفني عنه كما في المشكاة قال شارحها صرح به للمبالغة والتأكيد لأنه يلزم من صرفه عنك صرفك عنه وعكسه ويصح كونه تأسيسًا بأن يراد بقوله فاصرفه عني لا تقدرني عنه وبقوله واصرفني عنه لا تبق في باطني اشتغالًا به. قوله (واقْدِر لي الخَيرَ) أي ما فيه الثواب والرضا منك على فاعله واقدر ضبطه الأصيلي بضم الدال وكسرها. قوله: حيثُ كَانَ للتعميم في الأمكنة والأزمنة والأحوال وكان حكمة تركه هنا "ويسره لي" أن الخير العام لا بد في حصوله من مشقة وتعب غالبًا ودائمًا بخلاف ما سبق فإنه خير خاص وانتفاء المشقة عنه كثير. قوله: (رضني به) أي ثم بعد حصول المسئول وبلوغ السول والإتيان بثم ليغاير ما مر ورضني دعاء من الترضية وفي رواية للبخاري