. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

على نصب الملائكة عطفًا على اسم إن قيل يصلون خبر عنهما وقيل عن الثاني وخبر الجلالة محذوف لدلالة يصلون عليه ورجح بتغاير معنى الصلاتين وظاهر كلام أبي حيان ترجيح الأول وعليه فترد حجة الثاني بأنه لا نظر للتغاير مع استعمال لفظ الصلاة للقدر المشترك كما مر بيانه وأيده بعضهم بقوله الصواب عندي أن الصلاة لغة بمعنى واحد هو العطف ثم بالنسبة إليه تعالى الرحمة وإلى الملائكة الاستغفار وإلى الآدميين دعاء بعضهم لبعض اهـ، وعليه فلا ينافي قوله - صلى الله عليه وسلم - لمن قال من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوي بئس خطيب القوم أنت قل ومن يعص الله ورسوله، وذلك لأن حكمة التشريك هنا أن هذا قول من الله شرف به الملائكة فلا

يتوهم منه نقص ألبتة ومن ثم جمع نفسه - صلى الله عليه وسلم - مع ربه في قوله لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأما الخطيب فمنصبه قابل للزلل فنطقه بهذه العبارة ربما يتوهم منه لنقصه أنه جمع بينهما في الضمير لتساويهما عنده، وقرئ بالرفع وعليه فيحتمل أنه عطف على محل اسم أن ويصلون خبر عنهما وأن يكون يصلون خبر للملائكة وخبر الجلالة محذوف وهو مذهب البصريين لما مر ولئلا يتوارد عاملان على معمول واحد ولئلا يلزم الاشتراك والأصل عدمه ولأنا لا نعرف في العربية فعلًا واحدًا يختلف معناه باختلاف المسند إليه إذا كان الإسناد حقيقة وبما قدمناه من وضعها للقدر المشترك يرد الأخيران إذ لا اشتراك حينئذ ولا اختلاف باختلاف المسند إليه.

ثم عبر بالجملة الاسمية المفيدة للدوام والاستمرار لتدل على دوام صلاة الله وملائكته على نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهذه قرينة باهرة لم توجد لغيره - صلى الله عليه وسلم - وإن وجد أصل الصلاة لإبراهيم وآله كما يفيده حديث التشهد المراد على من زعم أنه ليس في القرآن ولا غيره فيما علم صلاة من الله على غير نبينا - صلى الله عليه وسلم - وفي هذا بلوغ أي بلوغ للمؤمنين بأنهم ينبغي لهم إدامة الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - تأسيًا بالله وملائكته في ذلك، وكما أفاد الجملة لكونها اسمية كذلك تفيد التجدد نظرًا لخبرها كما قالوا حكمة العدول عن الله مستهزئ بهم قصد استمرار الاستهزاء وتجدده وقتًا فوقتًا، وهذا أتم من تشريف آدم بأمر الملائكة بالسجود لاختصاصه بالملائكة والصلاة شاركهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015