الجرم فقدم الكلام وأخر. وإذا لم يتأول هذا التأويل كان قوله للجرم حشوا لا يحتاج إليه. أتى به لإقامة الوزن فقط.
وقوله:
أحقُ عافٍ بدمعك الهُمم ... أحدثُ شيء عهدا به القِدم
يقال: عفت الديار، وعفتها الريح. قال عنترة:
عفت الديار ومعلم الأطلال ... ريح الصبا وتجرم الأحوال
والعافي هنا: الدارس يقول: إن كنت تبكي الديار العافية فأحق منها بدمعك الهمم فقد عفت ودرست. ولم تبق همة إلا وقد درست. وقوله:
أحدث شيء به القدم
كلام أخرجه مخرج اللغز. يقول: القدم حديث العهد بها يريد الهمم. أي قد تقادمت وتنوسي عهدها فأحدث الأشياء بها عهداً هو القدم. ولو قال: قد تقادم عهدها لما كان في اللفظ من الحلاوة. ما في قوله: أحدث شيء عهدا بها القدم لما ترى من الصنعة وجعل حدائة عهد القدم بها قدماً لها.